د.ميلود بلفاضي
يشير الكثير من علماء الاقتصاد ومراكز البحث والدراسات المستقبلية ان استمرار الانفاق المفرط للنظام الجزائري على عصابات البوليساريو دون أي حساب ضدا في المغرب، سيؤدي حتما لانهيار دولة الجزائر .
وهذا هو منطق التاريخ ، فالجزائر التي تحتضن على أراضيها عصابة البوليساريو، وتتحمل منذ سنة 1975 كل نفقات هذه العصابة من أموال الشعب الجزائري، اكيد انها متجهة نحو الإفلاس الشامل. نفقات ارتفعت بشكل رهيب خصوصا بعد اعتراف الرئيس الأمريكي ترامب بسيادة المغرب على كل صحرائه المغربية، والقرار الأخير لمجلس الأمن رقم 2602 الذي زلزل النظام العسكري الجزائري ، وعصابات البوليساريو .
وتؤكد العديد من الوثائق ان عداء النظام العسكري الجزائري للمغرب ليس وليد اليوم ، بل انه ممتد في التاريخ منذ 1962 .كان هم قادة الجزائر هو معاكسة المغرب بأي وسيلة، وانتظر هذا النظام سنة 1975 لخلق عصابة البوليساريو لتصفية الحسابات مع المغرب. هذه العصابة التي انفقت الجزائر عليها الى حد اليوم اكثر من 600 مليار دولار، عصابة مكلفة جدا ،بل انها اصبحت تهدد اقتصاد الدولة الجزائرية وكيانها ، بعد ان تحول البوليساريو لحركة إرهابية تخدم اجندات متعددة من أهمها، إعاقة قيام اتحاد المغرب العربي الكبير والعمل على تفتيته ،طبقا لمخطط ثنائي فرنسي جزائري كان من ورائه الجنيرال دوكول والرئيس الجزائري بومدين منذ سنة 1962.
مخطط استراتيجي بهدف الى خلق صراعات حدودية دائمة بين دول المنطقة العربية خدمة لأهداف اقتصادية وجيو سياسية فرنسية.
ووفق أهداف هذا المخطط، انخرط النظام العسكري الجزائري بكل امكانياته البشرية والمادية والسياسية في عملية تفتيت المغرب العربي الكبير، انطلاقا من محاولة فصل جزء من اراضي المملكة المغربية ومنحها لحركة إرهابية ، معتمدة في ذلك على المال والخداع والمناورات واتخاذ قرارات ضد منطق التاريخ وإرادة الشعب الجزائري، إرضاء لرغبات عصابات البوليساريو، وما القرارات الجزائرية الأخيرة الا دليلا على ذلك نذكر منها:
- البلاغ الصادر عن رئاسة الجمهورية الجزائرية ضد قرار مجلس الامن الدولي الأخير رقم 2602 والداعي لمقاطعة الموائد المستديرة التي يحضر فيها المغرب.
- تقديم السلاح ودفع ميلشيات البوليساريو لخوض حرب بالوكالة ضد المغرب .
- قطع العلاقة مع المغرب بعد أن استنفذ النظام العسكري الجزائري كل حِـيَلِهَ ومناوراته ومُرَاوَغَاتِهَ.
-إغلاق أنبوب الغاز الجزائري المسمى أنبوب المغرب العربي الذي يمر عبر الأراضي المغربية في اتجاه إسبانيا، جعل إسبانيا ، بل وأوروبا بكاملها تفقد الثقة في العصابة الحاكمة في الجزائر.
- محاولة استغلال النظام الجزائري احتضان بلاده للقمة العربية شهر مارس المقبل للمطالبة بدعم ما تسميه تقرير المصير للشعب الصطحراوي.
- خلق ازمة مع فرنسا بسبب تصويتها لصالح قرار مجلس الامن الدولي الأخير رقم 2602 والذي كان في صالح المغرب.
وما التحركات الخبيثة والمناورات الدنيئة الأخيرة للجزائر بمجلس الامن الدولي ،وبالاتحاد الافريقي وبالاتحاد الأوروبي ،وبالجامعة العربية الا دليلا على ان النظام العسكري الحزائري هو الوجه الحقيقي لعصابة البوليساريو ، بل اصبحت هذه العصابة دويلة وسط دولة الجزائر، بعد ان تحولت كل مؤسسات النظام الجزائري من حكومة ومن رئاسة ومن برلمان ومن اعلام هي مؤسسات ميلشيات البوليساريو . فرمطان لعمامرة اصبح وزير خارجية البوليساريو بدليل أنه كلما زار أي دولة كبيرة أو صغيرة يكون موضوح قضية الصحراء هو الموضوع الرئيس للاستجداء من أجل الوقوف مع الطرح الجزائري في قضية الصحراء . بل حتى رئيس الدولة الجزائري تحول لناطق رسمي هو واعلامه باسم الشعب الصحراوي. أما مصالح الشعب الجزائري وقضية العلاقات الثنائية فلا وجود لها في أي زيارة لرمطان لعمامرة أو غيره لأي دولة كبيرة أو صغيرة.
والغريب في الامر ان المغرب اصبح هو الشغل الشاغل للرئيس الجزائري وحكومته ومؤسساته، بل ان سياستهم الداخلية والخارجية هو موضوع واحد هو المغرب.وهذا ما سنبينه بالدليل : عقد الرئيس الجزائري 6 لقاءات صحفية كان موضوع المغرب هو المحور الرئيسي فيها ، وزير الخارجية الجزائري زار اكثر من 37 دولة افريقية وعربية وأوروبية وامريكية كان المغرب هو موضوع كل هذه الزيات.
واخر ما قام به النظام الجزائري هو اللجوء لدولة جنوب إفريقيا لدعم جبهة الإنفصال من خلال دعوة وزيرة خارجية جنوب إفريقيا إلى الجزائر وتنظيم زيارة لها لمخيمات تندوف، تم إصدار بيان مشترك بين الدولتين أعربا من خلاله الجزائر وجنوب إفريقيا، عن دعمها لما سمي بـ"النضال المشروع للشعب الصحراوي من أجل تجسيد حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير
مع مطالبة المغرب بإخلاء معبر الكركرات الذي فتحه المغرب ف 13 نونبر 2020 ،وهو الحدث الذي لم يذكره قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2602 لعام 2021، لأن المغرب قام بذلك في إطار الحفاظ على السلم في المنطقة وقطع الطريق على تدهور الأمور حتى لا تصبح في أيادي الخلايا الإرهابية التي تصنعها العصابة الحاكمة في الجزائر ، أما البوليساريو فهي( تحارب )المغرب بالوكالة تحت إشراف الجنرال شنقريحة منذ أكثر من 20 سنة.
وعلى هذا الأساس، على احرار الشعب الجزائري أن يحذروا من قرارات النظام العسكري الحاكم في الجزائر لأنها في الاصل لعبة بين يدي مرتزقة البوليساريو التي تدفعهم نحو التدمير الشامل للمنطقة المغاربية ...
وعليهم ان يفرقوا بين موقف نظام العسكر في الجزائر الذي يسبح ضد منطق التاريخ والجغرافيا ضد المغرب ، والذي دفع ميلشيات البوليساريو حمل شعار العودة للحرب ، وبين المملكة المغربية التي تمد يدها للنظام الجزائري...
بين تصريح الرئيس الجزائري امام الهيئات الديبلوماسية ان المغرب دولة عدوة ، وتوسعية ومحتلة للصحراء ، وبين خطاب جلالة الملك الذي اكد بانه :’’موازاة مع مبادراته التنموية، على المستوى الداخلي، فإن المغرب يحرص، بنفس العزم، على مواصلة جهوده الصادقه، من أجل توطيد الأمن والاستقرار، في محيطه الإفريقي والأورو-متوسطي، وخاصة في جواره المغاربي’’.مضيفا جلالته: "وإيمانا بهذا التوجه، فإننا نجدد الدعوة الصادقة لأشقائنا في الجزائر، للعمل سويا، دون شروط ، من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار".
ذلك، لأن الوضع الحالي لهذه العلاقات لا يرضينا، وليس في مصلحة شعبينا، و غير مقبول من طرف العديد من الدول.فقناعتي أن الحدود المفتوحة، هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، و شعبين شقيقين.
لأن إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي، ومبدأ قانوني أصیل، تكرسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي، التي تنص على حرية تنقل الأشخاص، وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بين دوله.
وأنا أؤكد هنا لأشقائنا في الجزائر، بأن الشر والمشاكل لن تأتيكم أبدا من المغرب، كما لن یأتیکم منه أي خطر أو تهديد؛ لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا.لذلك، نعتبر أن أمن الجزائر واستقرارها، وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره.والعكس صحيح، فما يمس المغرب سيؤثر أيضا على الجزائر؛ لأنهما كالجسد الواحد.’’
انه الفرق بين خطاب ملك حكيم استراتيجي، وموقف رئيس جزائري يدعم حركة انفصالية إرهابية ُستجر الجزائر كلها نحو الهاوية : فاقتصاد الجزائر صفر على الشمال ، يتجلى في عجز عسكر الجزائر في توفير أبسط مقومات المعيشة اليومية للشعب الجزائري ( طوابير على العدس والسميد والزيت وكل لوازم المعيشة الضرورية للبقاء على قيد الحياة ) كما يتجلى اقتصاد الجزائر في أنه أولا وقبل كل شيء ليس اقتصادا بالمفهوم العصري بل مداخيل الجزائر الغازية والنفطية تجمعها (سوناطراك)
وعلى هذا الأساس، الكثير من التقارير عن الوضع في الجزائر تنذر بانهيار سلطة العسكر في الجزائر منها تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الذي قدمته مؤخرا للرئيس جو بايدن يؤكد " أن الوضع في الجزائر آيل إلى الإنفجار "...
وعليه على عسكر الجزائر ان يقتنع بانه قد خسر قضية الصحراء نهائيا ومع ذلك لا يزال أغبياء الدبلوماسية الجزائرية يعاندون وينبشون عن أي عرقلة تَـسُـدُّ المَسَارَ نحو حل معضلة الصحراء حلا سلميا ، لدرجة أنهم أنكروا كل قرارات مجلس الأمن التي صدرت طيلة 30 سنة حيث لا يعترفون اليوم ونحن في 2021 إلا بالقرار 690 لعام 1991 وحده فقط لأنه ينص على تقرير المصير والاستفتاء لاستقلال الصحراء الغربية ، أما قرارات مجلس الأمن التي صدرت بعد 2007 إلى آخر قرار رقم 2602 لعام 2021 فإنها أقبرت مصطلحات : (تقرير المصير والاستفتاء لاستقلال الصحراء الغربية ) ...لكن عسكر الجزائر لا يدري بأنه بكل ذلك يدفع بالجزائر كلها إلى الانهيار السريع والحتمي بتصرفاته الرعناء ...كما كنبت تحدى المواقع الإلكترونية الجزائرية.
رئيس المرصد المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية