منار اسليمي : يُشَرِّح مزاعم " الحل الكونفدرالي" في نزاع الصحراء

راجت خلال الأيام الأخيرة مجموعة اخبار مقرونة  بتحليلات مرتبطة بحدث الإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي كوهلر أمام أعضاء مجلس الأمن بخصوص نزاع الصحراء ،وذهبت هذه الأخبار والتحليلات إلى القول بأن كوهلر يدفع بخيار "وسط"بين ما يقدمه المغرب ومايقول به البوليساريو ،ويتمثل هذا الخيار حسب العديد من المواقع والمحللين في " نظام الكونفدرالية " ،ولايوجد لحد الان مصدر رسمي ينسب هذه الأخبار للمبعوث الاممي ،فان الامر يقتضي التوضيحات التالية:

اولا ، ان الكونفدرالية نظام يكون بين الدول، وليس بين كيانات وهمية ودوّل ،فالكونفدرالية اتحاد بين دول تتخلى عن جزء من اختصاصها لأجهزة توضع من طرف هذه الدول التي تختار النظام الكونفدرالي عن طريق معاهدة أو اتفاقية دون التخلي عن سيادتها ،وهنا اوضح للذين يروجون لهذا الطرح كونفدرالية بين من ومن ؟ فالكثير لاينتبه لخطورة هذا الطرح الذي تروج له الجزائر وتنسبه للمبعوث الأممي بأنه محاولة جزائرية لجر المجتمع الدولي  إلى النظر البوليساريو ك" دولة" وليس كيان وهمي انشاته الجزائر فوق أراضيها وظلت تبحث له عن الاعتراف ، وبوصول المغرب اليوم إلى نقطة انه لن تكون هناك مفاوضات إلا مع الجزائر انطلقت السلطات الجزائرية في هذه الحرب النفسية الجديدة التي تنتقل من مقولة تقرير المصير إلى مقولة الاتحاد الكونفدرالي،

ثانيا ، ان الطرح المزعوم المسمى ب" الحل الكونفدرالي" يهدف إلى التغطية على مقترح الحكم الذاتي الذي يتردد في قرارات مجلس الأمن منذ سنة 2007،وهو الطرح الذي يجد سنده الشرعي والقانوني في ميثاق الأمم المتحدة مادمت الأمم المتحدة نفسها قد وضعت منذ البداية الصحراء ضمن الأقاليم الستة عشر غير المتمتعة بالحكم الذاتي، ويبدو أن التحول الذي يعيشه الملف بمواقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتقديم الأولى برصد مساعدات مالية بانتظام في ميزانيتها  لتنمية الأقاليم الجنوبية وتجاوز الثاني لقرار محكمة العدل والأوروبية في اتفاقية الصيد البحري وقبوله بالسيادة المغربية كاملة بدون تحفظ ،هذه التحولات جعلت الجزائر تبحث عن صناعة اشاعات جديدة ونسبها إلى كوهلر قبل ان ينطلق في جولة مابعد إحاطة مجلس الأمن،

ثالثا، تحاول السلطات الجزائرية والبوليساريو بناء مشهد ،لم تنتبه فيه إلى التناقضات الموجودة حاليا في النظام الدولي ،فهي تحاول بناء موقف واحد من قضية الصحراء يجمع الروس الأمريكيين ،وهي المسألة غير الممكنة ،فالجزاىريون وجبهة البوليساريو يروجان في نفس الوقت لأسطورة عودة بلوتون مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي وإمكانية تأثيره في نزاع الصحراء ووقوفه ضد فرنسا ،هذا الموقف الذي يبدو من خلاله أن البوليساريو والجزائر لايعرفان جيدا ان السياق الأول الذي اشتغل فيه بلوتون كسفير للولايات المتحدة الأمريكية بالأمم المتحدة ليس هو السياق الذي يتحرك فيه بلوتون كمستشار للامن القومي للرئيس الأمريكي ترامب ،أضف إلى ذلك أن المشهد الذي تحاول الجزائر الترويج بالقول بوجود دعم روسي للجزائر في ملف الصحراء ومحاولة التمويه بوجود تقارب أمريكي روسي في النظرة إلى هذا النزاع ،لاينتبه إلى أن الأمريكيون يدركون خطورة إيجاد الروس لموطا قدم في هذا النزاع ،فالامريكيون يدفعون ثمن خطئهم الذي سمح الروس بالوصول إلى شرق المتوسط ويضعون اليوم خطوطا حمراء أمام وصول الروس إلى المحيط الأطلسي في حالة ارتكاب الأمريكيين لخطا بمواجهة فرنسا وإضعاف دورها في تدبير نزاع الصحراء ،

لكل هذه الاسباب المختصرة ، يجب الانتباه إلى أبعاد ماتروجه الجزائر بخصوص أسطورة " الحل الكونفدرالي" التي لا يقبلها لا عقل التحليل الدستوري ولا عقل التحليل في القانون الدولي ولا يمكن لعقل التحليل الاستراتيجي بدوره القبول بها.