اندلعت حالة من الجدل داخل مجلس النواب، بعد توصل عشرات البرلمانيين بإنذارات مكتوبة من رئاسة المجلس بسبب تغيبهم المتكرر عن الجلسات الأسبوعية، وعدم التزامهم بالحضور المنتظم إلى أشغال المؤسسة التشريعية التي تُعقد كل يوم اثنين.
وأفادت مصادر برلمانية مطلعة أن رئاسة مجلس النواب، وبتنسيق مع مكتب المجلس، قررت رسميا تفعيل قرار الاقتطاع من التعويضات الشهرية لكل نائب لم يحترم واجب الحضور، وذلك في إطار تطبيق مقتضيات النظام الداخلي للمجلس، الذي ينص بوضوح على معاقبة المتغيبين بخصم مالي يتناسب مع عدد الجلسات التي تم تسجيل غيابهم عنها.
وأكدت المصادر ذاتها أن هذه الخطوة جاءت بعد تواتر تقارير داخلية تشير إلى استمرار بعض النواب في الغياب غير المبرر عن الجلسات العامة وأشغال اللجان الدائمة، رغم التنبيهات المتكررة التي وجهتها الرئاسة خلال الدورات السابقة.
وأضافت أن الإنذارات الأخيرة وقرارات الاقتطاع تعكس رغبة حقيقية في إعادة الانضباط إلى المؤسسة التشريعية، والحفاظ على مصداقيتها أمام الرأي العام الذي بات يراقب أداء ممثليه عن كثب.
لكن المفارقة، حسب ما أورده عدد من البرلمانيين، تكمن في أن القرار لم يُحدث الأثر المطلوب، إذ استمر عدد من النواب في التغيب دون اكتراث، معتبرين أن الخصم من التعويضات الشهرية لا يمثل سوى “تفصيلًا بسيطًا” أمام الثروات الكبيرة التي يمتلكونها، مما جعل الإجراء في نظر البعض “رمزيا أكثر منه رادعا”.
ويرى مراقبون أن هذه الظاهرة المتكررة تُطرح بإلحاح مع كل دورة تشريعية، وتضع علامات استفهام حول مدى جدية بعض النواب في أداء مهامهم التمثيلية، ومدى التزامهم بالمسؤولية السياسية والأخلاقية الملقاة على عاتقهم.
كما أن استمرار الغياب عن الجلسات، وفق المتتبعين، يُفرغ العمل البرلماني من محتواه الرقابي والتشريعي، ويُضعف الثقة في المؤسسة المنتخبة التي يُفترض أن تكون صوت المواطن داخل قبة البرلمان.
وتختم مصادر من داخل المجلس بأن رئاسة البرلمان عازمة على المضي في سياسة الصرامة، مع دراسة إمكانية نشر لوائح الغياب بشكل علني تعزيزًا لمبدأ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، في انتظار أن يتحول الحضور إلى قناعة راسخة لدى جميع ممثلي الأمة، لا مجرد واجب تفرضه المراقبة الإدارية.
 
 





