مليكة حفيظ: فاجعة آسفي ليست قدرا بل نتيجة غياب الحكامة

في تدوينة لافتة نشرتها القاضية مليكة حفيظ على صفحتها الرسمية بموقع “فيسبوك”، فتحت نقاشا عميقا حول فاجعة مدينة آسفي، مقاربة الحدث من زاوية الحكامة والمسؤولية العمومية، بعيدا عن منطق المزايدة أو التبرير السهل باسم “القضاء والقدر”.

وأكدت القاضية أن مآسي فقدان الأرواح لا تصلح للتوظيف السياسي أو الإعلامي، لكنها في المقابل لا تسقط واجب المحاسبة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمسؤوليات الدولة والهيئات المنتخبة المكلفة دستوريا بتدبير الشأن العام وحماية المواطنين.

واعتبرت أن الفرق بين الدول لا يقاس بوقوع الكوارث في حد ذاتها، بل بكيفية التعاطي الاستباقي مع المخاطر، لا الاكتفاء بتبريرها بعد حدوثها.

وشددت مليكة حفيظ على أن ما وقع في آسفي لا يمكن اختزاله في عاصفة عابرة أو حدث قدري، بل هو نتيجة طبيعية لتراكم سنوات من سوء التدبير وغياب الرؤية الاستباقية، في مدينة يتم التعامل معها، وفق تعبيرها، وكأنها “قرية كبيرة” خارج منطق التخطيط الحضري العصري وتدبير المخاطر، مبرزة المفارقة التي تعيشها المدينة، رغم قربها من مصادر متعددة للثروة الصناعية والبحرية والفلاحية، حيث تظل على هامش التنمية.

وفي هذا السياق، توقفت القاضية عند ملف وادي الشعبة، معتبرة أنه ليس خطرا محتوما، بل موضوعا كان ينبغي إدراجه منذ زمن ضمن أولويات السياسات العمومية. واستحضرت بالمقابل تجربة الدار البيضاء مع واد بوسكورة، حيث تم تحييد المخاطر عبر تحويل المجرى، ما يثبت، بحسبها، أن الحلول ممكنة متى توفرت الإرادة السياسية والإنصاف المجالي.

وسلطت التدوينة الضوء على ما وصفته بمنطق “الكيل بمكيالين” في التعاطي مع المدن، حيث تحظى بعض الحواضر بتدخلات استباقية وتمويل وتخطيط محكم، بينما تترك مدن أخرى، من بينها آسفي، لمواجهة المخاطر وحدها إلى أن تتحول إلى مآس إنسانية، يكتفى بعدها بالتعازي، معتبرة أن هذا النهج يفرغ خطاب العدالة المجالية من مضمونه، ويجعل التنمية المتوازنة مجرد شعار.

وختمت القاضية مليكة حفيظ تدوينتها بالتأكيد على أن الترحم على الضحايا واجب إنساني، غير أن الوفاء الحقيقي لأرواحهم يمر عبر مساءلة السياسات العمومية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والانتقال من منطق رد الفعل إلى منطق الاستباق والتخطيط، معتبرة أن الكوارث لا تصنعها الطبيعة وحدها، بل كثيرا ما تكون نتيجة اختيارات بشرية خاطئة أو غياب الاختيار.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *