السعودية تفتح أبوابها للعالم من بوابة السياحة

فتحت السعودية أبوابها أمام السياح الأجانب، لأول مرة في تاريخها، بعد إطلاقها الجمعة الماضية نظاما جديدا للتأشيرات السياحية للأجانب، في واحدة من أبرز الخطوات الاصلاحية التي انخرطت فيها المملكة ضمن "رؤية 2030" الرامية إلى إعداد البلاد لمرحلة ما بعد النفط.

ففي احتفالية بالرياض تحت شعار "أهلا بالعالم"، أعلنت الهيئة العليا للسياحة السعودية، تزامنا مع اليوم العالمي للسياحة، البدء في منح تأشيرات السياحة للأجانب عبر مكاتب الممثليات السعودية في الخارج، وفق نظام إلكتروني بلا اشتراطات، لـ 49 جنسية، من أوروبا وآسيا وأمريكا.

وقال أحمد الخطيب رئيس الهيئة، بالمناسبة، إن بلاده "تفتح في هذه اللحظة التاريخية أبوابها للعالم"، مضيفا أنه "منذ إطلاق رؤية المملكة 2030، بدأنا العمل الجاد لتكون المملكة وجهة سياحية عالمية".

وهكذا، بات بإمكان الأجانب من كل أنحاء العالم، الراغبين في زيارة هذا البلد المترامي في شبه الجزيرة العربية، التقدم بطلب للحصول على تأشيرة السياحة لاكتشاف معالمها وثقافة شعبها، بعدما ظلت زيارتها، على مدى عقود، مقتصرة على السياحة الدينية والزيارة العائلية والعمل.

وكان قرار السماح من عدمه لزوار السياحة الترفيهية في المملكة موضوع نقاش لسنوات، وحالت دون تطبيقه توجهات محافظة وبيروقراطية في البلاد، فيما بدأ العمل في دجنبر الماضي بنظام تأشيرة إلكترونية لحضور مناسبات رياضية وأنشطة ترفيهية أقيمت في بعض مدن المملكة.

وتراهن السعودية من خلال الانفتاح السياحي على العالم إلى الانتقال بخطوات ملموسة لتنويع موارد الاقتصاد والحد من ارتهانه بإيرادات النفط، حيث تتوقع الاستراتيجية السياحية التي أعلنتها الهيئة العامة للسياحة، بالمناسبة، استقبال 100 مليون زائر سنويا بحلول عام 2030، في مقابل نحو 41 مليون زيارة في الوقت الراهن.

ووفقا للهيئة، يتوقع أن تكون المملكة بحلول 2030 واحدة من بين أكثر 5 دول تستقبل السياح على مستوى العالم، بعائدات تصل إلى 10 في المائة بدلا من 3 في المائة من إجمالي الدخل القومي حاليا، فيما يتوقع أن يصل عدد الوظائف في القطاع إلى مليون و600 ألف وظيفة، مقابل 600 ألف وظيفة حاليا.

ولهذا الغرض، عملت السعودية منذ سنوات على تهيئة البيئة المناسبة لقطاع السياحة، بتسجيل عدد من المواقع الأثرية ضمن قائمة التراث العالمي "اليونسكو"، وتحويل أجزاء من ساحل البحر الأحمر إلى منطقة جاذبة للسياح، فضلا عن إطلاق العديد من الفعاليات الترفيهية والمواسم الثقافية في مختلف مناطق البلاد.

وفي هذا السياق، أبرز الخبير الاقتصادي السعودي زهير العمري أهمية القطاع السياحي وانعكاساته الإيجابية على اقتصاد أي بلد، موضحا أن الأمر يتعلق ب"خطوة جديدة نحو أفق اقتصادي أرحب دشنته المملكة برؤية طموحة (رؤية 2030) التي تضمنت حزمة من البرامج التنموية والإصلاحية".

وقال العمري في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن إطلاق التأشيرة السياحية سيفتح الباب للاستثمار الدولي والمحلي في هذا القطاع الحيوي، مما سيسهم في الدفع بعجلة التنمية بمعدلات نمو سريعة، فضلا عن خلق الاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة.

وأشار إلى أن قطاع السياحة الذي تعول عليه المملكة لتحقيق 10 في المائة من الناتج المحلي القومي، سيضطلع بدور رئيسي في بلورة فلسفة رؤية المملكة 2030 التي تستند إلى مقومات المملكة لتحقيق اقتصاد مزدهر ودعم المواطنين لتحقيق تطلعاتهم في مجتمع نابض بالحياة متفاعل مع محيطه والعالم.

ومع إطلاق التأشيرات السياحية، أعلنت السعودية، بالموازاة مع ذالك، البدء في تطبيق "لائحة الذوق العام" الرامية إلى "تعزيز المحافظة على قيم وعادات المجتمع السعودي ومراعاة خصوصيات الأفراد وردع السلوكيات المخالفة لقيم المجتمع ومبادئه وهويته"، وحددت اللائحة 19 مخالفة يعاق ب مرتكبها بغرامات مالية تتراوح قيمتها بين 13.3 و800 دولار.

وتفرض اللائحة، التي نشرت هيئة السياحة مضامينها، ضرورة "ارتداء اللباس المحتشم وعدم خدش الحياء العام"، كما تمنح المرأة "حرية اختيار لباسها شرط أن يكون محتشما".

ونقلت وسائل إعلام عن رئيس مجلس إدارة الهيئة أحمد الخطيب، قوله إن المملكة "ستخفف من قواعد اللباس للنساء الأجنبيات، وستسمح لهن بالتنقل دون ارتداء (العباءة)، لكنه أشار في المقابل إلى أنه سيتوجب على الزائرات الأجنبيات ارتداء "ملابس محتشمة".