شرعت الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، مساء الإثنين الماضي، في متابعة ملف المخدرات الذي يتابع فيه عشرات الدركين برتب متفاوتة، بينهم ضباط سامون.
وذكرت جريدة الأخبار في عددها اليوم الأربعاء فاتح ماي أنه وبعد حوالي عشر جلسات خصصت بالكامل لتقديم الملتمسات، والدفوعات الشكلية والتعقيبات على مداخلة النيابة العامة، باشرت الهيئة القضائة مرحلة الاستماع إلى رجال الدرك المتهمين في هذا الملف الذي يعتبره المتابعون الأبرز على مستوى الجرائم المالية التي أحيلت على محكمة جرائم الأموال بالرباط، بعد أن تورط فيها موظفون عموميون ومسؤولون كبار في جهز الدرك والأمن الوطني.
وخلال جلسة الاثنين الماضي، فجر دركي متقاعد فضيحة من العيار الثقيل، بعد أن صرح بتفاصيل خطيرة في مواجهة رئيسه الذي كان يشغل منصب قائد مركز ترابي بضواحي طنجة، بعد أن حاول هذا الأخير التنصل من التهم الموجهة إليه، خاصة مضمون المكالمات المسجلة بهاتفه، حيث اعتبرها عادية وغير مرتبطة بنشاط محظور أو علاقات مشبوهة مع بارونات مخدرات، معتبرا أن الكلمات المبهمة التي تم التقاطها في المكالمات والتي استعرضها رئيس الجلسة أمامه جد عادية وتدخل في إطار نسق تواصلي مهني، قبل أن يخلط الدركي المتقاعد أوراق المسؤول الدركي وينطق بكثير من الجرأة في نشر الغسيل، بعد أن أكد صحة المكالمات وارتباطها بقضايا مخدرات، مضيفا أنه انخرط في معاملات واتصالات مع بارون المخدرات، واصفا سلوكه ب"الفضول"، قبل أن يدخل في مواجهة مباشرة مع رئيس المركز، بعد أن شرع في فك شفرات الكلمات المبهمة التي التقطت في مكالمات المسؤول الدركي وامتنع عن شرحها بعد أن اعتبرها عادي.
وكشف الدركي المتقاعد أ، المدرسة تعني السجن وكلمة الطرابشية يقصد البوليس، وكلمة "الكرافاطات" تعني المحكمة والقضاة إضافة لأوصاف أخرى تتعلق بأسماء البارونات.
وبجرأة غير مسبوقة أصابت المتهمين وهيئة الدفاع والحضور في القاعة بذهول كبير، اكد أنه كان يتواصل مع أسرة بارون مخدرات معتقل في الملف نفسه وسبقت إذانته بست سنوات سجنا، قبل أشهر، رفقة مسؤولين أمنيين كبار، وساعدها على زيارته بالسجن واستفاد من "عمرة" مريحة بفضل تدخل أسرة البارون.
وارتباطا بالجولة الأولى ضمن مرحلة الاستماع إلى المتهمين واجراء المواجهات بينهم، أفادت مصادر "الاخبار" بأن الجلسات القادمة تعد بمواجهات ساخنة بين المتهمين الذين يفوق عدهم 26 متهما، بينهم خمسة كولونيلات، خاصة أن الضباط الكبار يتابعون رفقة دركيين وسائقين كانوا يشتغلون تحت إمرتهم. ويسود تخوف كبير وسط متتبعي هذه المحاكمة من الاستنجاد بألية تقاذف التهم، في وقت تحاصر المكالمات الهاتفية وتصريحات بعض تجار المخدرات غالبيتهم في هذا الملف، وهو ما جعل دفاع المتهمين يطالب، في إطار الملتمسات والدفوعات الشكلية، بإجراء خبرة عاجلة واستدعاء إحدى شركات الاتصالات المختصة من أجل التأكد من صحة المكالمات وأصحابها، ومالكي ومستعملي هذه الأرقام الهاتفية التي اعتبرتها التحقيقات الأولية والتفصيلية دليلا وحيدا لإدانة موكليهم الذين لم تحترم صفاتهم السامية والضبطية التي تخول لهم "امتيازا قضائيا" ومساطر استماع وإحالة وتحقيق استثنائية، حسب مرافعات دفاع المتهمين.
وكانت التحريات التي باشرتها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ومصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، المعروفة اختصارا ب "الديستي"، بعد جملة الاعتقالات التي طالت بارونات وشبكات كبرى متخصصة في التهريب الدولي للمخدرات بكل من مناطق الشمال والجنوب المغربي، انتهت باعتقال مسؤولين أمنيين وأطر أخرى تنتمي لإدارة السجون والجمارك والداخلية تمت إدانتهم بحوالي 176 سنة سجنا، قبل أن تطيح التحريات نفسها، بتنسيق مع القيادة الجديدة للدرك في شخص الجنرال حرمو، بحوالي 26 مسؤولا بالدرك، أمرت النيابة العامة، بعد إحضاعهم للتحقيق، بإيداعهم سجن العرجات، حيث تابعت 19 منهم في حالة اعتقال، بينهم خمسة كولونيلات كانو يشغلون مراكز مهمة على رأس القيادات الجهوية بكل من جهات سطات وأكادير وميناء طنجة المتوسط، إضافة إلى نائبي المسؤولين الآخرين، كما يتم التحقيق مع مسؤول دركي برتبة رائد وملازمين يشتغلون بمنطقتي طنجة وأكادير.