وثيقة موريتانية حول معبر “أم اكرين” تفضح مناورة للجزائر والبوليساريو

فيما يبدو أنه بحث يائس عن أي انتصار دبلوماسي، سارعت جبهة البوليساريو ومن ورائها الجزائر إلى تلقف بيان صادر عن وزارة التجهيز الموريتانية قبل أيام، ليحاولا تحويل ثغرة تواصل إدارية إلى إنجاز سياسي ضد المغرب.

القصة بدأت ببيان ينفي علم وزارة التجهيز الموريتانية بوجود “مشاريع ربط” حدودية جديدة، فانطلقت الآلة الدعائية للبوليساريو لتضخيمه وتصويره على أنه “نفي موريتاني لوجود أي معبر حدودي مع المغرب خارج نطاق الكركرات”.

لكن الحقائق الموثقة، وليس التأويلات المتسرعة، ترسم صورة مغايرة تماما وتكشف عن هشاشة هذه المناورة. فالمعضلة لا تكمن في وجود المعابر، بل في تجاهل اختصاصات الوزارات. بيان وزارة التجهيز، التي لا يندرج الإشراف على المعابر ضمن صلاحياتها، لا يمكنه أن ينسف قرارا سياديا صادرا عن الجهة المختصة، وهي وزارة الداخلية واللامركزية الموريتانية.

وهنا تبرز الوثيقة الرسمية كدليل قاطع. القرار رقم 00129 الصادر عن وزارة الداخلية الموريتانية بتاريخ 11 فبراير 2025، لا يترك مجالا للشك. ينص القرار صراحة في مادته الأولى على إنشاء “اثنان وثمانون (82) معبرا حدوديا إلزاميا لحركة الأشخاص والممتلكات على عموم التراب الوطني”.

والأهم من ذلك، أن اللائحة المرفقة بالقرار تحدد بشكل واضح المعابر المعتمدة في ولاية تيرس الزمور المتاخمة للمغرب والجزائر، والتي تضم معبر “بير أم اكرين” وغيره من النقاط، بحسب ما كشف موقع انباء انفو الموريتاني، مما يؤكد رسميا وجود نقاط عبور معتمدة مع المغرب تتجاوز الكركرات.

إن هذا التباين الصارخ بين بيان وزارة التجهيز وقرار وزارة الداخلية الرسمي يكشف بوضوح عن فجوة في التنسيق الحكومي الداخلي في نواكشوط، وهي الثغرة التي تحولت إلى مادة دعائية رخيصة.

لقد تركت الصياغة الغامضة للبيان فرصة للتأويلات المغلوطة، لكنها كشفت في المقابل عن مدى ترقب واستعداد البوليساريو لاصطياد أي فرصة، مهما كانت واهية.

والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة: لماذا كل هذا الابتهاج ببيان تقني، ومحاولة تحويله لنصر؟ الإجابة تكمن في أن البوليساريو ومن ورائها الجزائر، في ظل الخسائر الدبلوماسية المتتالية والواقع الميداني الذي يكرس السيادة المغربية على أراضيه، صارا يبحثان عن أي نصر، حتى لو كان من ورق.

هذه الحادثة برمتها تكشف عن استراتيجية واضحة لدى البوليساريو والجزائر تروم تحويل الهفوات الإدارية إلى معارك سياسية، والبحث في هوامش التصريحات وما يمكن تسويقه كانتصار. لكن أمام الحقائق الموثقة والقرارات الرسمية، تتبخر هذه الانتصارات الورقية لتعكس فقط مدى عمق الأزمة التي يعيشها خصوم الوحدة الترابية للمغرب.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *