كشف المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره الأخير، عن تخلف 12 قطاعًا وزاريًا ومؤسساتيًا عن تقديم تقارير نجاعة الأداء برسم سنة 2023 داخل الآجال القانونية، في خطوة اعتبرها مؤشرًا سلبيًا يعكس غياب الالتزام الجماعي والفِعلي بمنهجية ربط الأهداف بالنتائج الميدانية، رغم التقدم الملحوظ في نسبة الالتزام، التي ارتفعت من 42% سنة 2021 إلى 67.5% في 2023.
ورصد التقرير، الذي أعده قضاة المجلس تحت إشراف زينب العدوي، وجود خلافات في تقييم الأداء بين المجلس ووزارة الاقتصاد والمالية، التي تديرها نادية فتاح، خصوصًا حول مدى إخضاع برامج الميزانية العامة لمنهجية الأداء، رغم اعتماد البلاد منذ سنوات على برمجة ميزانياتية ترتكز على البرامج والأهداف.
المجلس نبّه إلى عدم تطبيق المنهجية على برامج حساسة، مثل تدبير الدين العمومي، ودعم السياسات الاجتماعية، والتخفيضات الضريبية، وكلها تحت إشراف وزارة المالية، إلى جانب برامج أخرى تابعة لمؤسسات لم تقدم أي وثائق أداء، مثل الهيئة الوطنية للنزاهة، والحماية الخاصة بالبيانات، وتوجيه الحكومة.
كما انتقد التقرير عدم إخضاع مرافق الدولة المستقلة وصناديق كبرى، مثل صندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وصندوق إنعاش الاستثمار، لمنهجية التقييم، ما يحد من الشفافية والفعالية في تدبير المال العام.
وردت نادية فتاح بغضب على التقرير، معتبرة أن بعض المؤسسات الدستورية نفسها، كالمحاكم المالية ومجلسي البرلمان، لم تنخرط بدورها في هذا الورش، مشيرة إلى أن رئاسة الحكومة سبق أن قدّمت تصوراتها، لكنها لا تُعد جهة تنفيذية فعلية، بل تقود وتنسق عمل القطاعات التي يقع على عاتقها التنفيذ العملي للبرامج.
ويثير هذا التراشق المؤسساتي تساؤلات حول جدية الالتزام بمنظومة نجاعة الأداء، ومدى قدرة الدولة على ضمان مراقبة فعلية وشفافة للبرامج العمومية في ظل غياب الانخراط الكامل لكل الأطراف.