تقرير مندوبية بنموسى حول سوق الشغل لا يعكس كل الحقيقة(خبير)

كشفت آخر مذكرة إخبارية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط اليوم الاثنين ، حول وضعية سوق الشغل في الربع الثاني من سنة 2025، أن الاقتصاد المغربي يمر  بوضعية معقدة تعكسها مؤشرات متناقضة.

فعلى الرغم من تسجيل انخفاض طفيف في معدل البطالة على المستوى الوطني، إلا أن بنية التشغيل كشفت تفاقم ظاهرة الشغل الناقص .

وتظهر الأرقام الرسمية التي اطلعت عليها بلبريس، تراجع معدل البطالة الوطني من 13,1% إلى 12,8% بين الربع الثاني من عام 2024 ونفس الفترة من 2025، أي بانخفاض صافٍ قدره 38 ألف عاطل.

غير أن هذا التحسن الرقمي يخفي تباينا حادا بين الوسطين الحضري والقروي؛ ففي حين تمكنت المدن من إحداث 113 ألف منصب شغل، فقد العالم القروي 107 آلاف منصب، متأثرا بشكل مباشر بتداعيات الجفاف الذي أدى إلى فقدان قطاع الفلاحة والصيد البحري لـ 108 آلاف فرصة عمل.

وعلى مستوى القطاعات، كان قطاع البناء والأشغال العمومية المحرك الرئيسي للتشغيل بإحداثه 74 ألف منصب، يليه قطاع الخدمات بـ 35 ألف منصب، بينما كانت مساهمة قطاع الصناعة محدودة جدا بإضافة ألفي منصب فقط.

والمؤشر الأكثر إثارة للقلق هو الارتفاع الملموس في حجم الشغل الناقص، الذي انتقل من 9,6% إلى 10,6% على المستوى الوطني، ليشمل أكثر من 1,14 مليون شخص.

وتظل فئات معينة الأكثر تضررا، حيث ارتفع معدل بطالة النساء بشكل حاد ليصل إلى 19,9%، واستمر معدل بطالة الشباب (15-24 سنة) عند مستوى قياسي بلغ 35,8%.

وتعليقا على هذه الأرقام،اعتبر الخبير الاقتصادي إدريس الفينة أن التراجع الطفيف المسجل في معدل البطالة لا يعكس الحقيقة الكاملة لسوق الشغل في المغرب، بل يخفي وراءه مؤشرات أكثر قلقا تدل على أن الوضعية ما زالت متدهورة رغم الأرقام المعلنة.

وأوضح الفينة أنه على الرغم من وجود تراجع رقمي، فإن هذا المعدل يبقى مرتفعاً جداً بالمقارنة مع الدول الأوروبية التي تتراوح فيها معدلات البطالة بين أربعة وخمسة في المائة.

والأكثر من ذلك، يرى الخبير الاقتصادي أن وجود هذه الأرقام المرتفعة في المغرب يعتبر أمرا “غير مقبول اقتصاديا”،  على حد تعبيره، خاصة في ظل الدينامية الكبيرة التي تشهدها البلاد على مستوى أوراش البناء والمشاريع الكبرى، والتي كان من المفترض أن تساهم في امتصاص البطالة بشكل أكبر.

لكن المؤشر الأخطر في تحليل الفينة هو التراجع المستمر في معدل النشاط. ويشير إلى أن هذا الانخفاض يعني أن نسبة مهمة من السكان النشيطين تعمل لإعالة جزء كبير معطل من القوة العاملة، وهو ما يعكس حالة من اليأس وخروج فئات من سوق الشغل بشكل كلي.

وتساءل الفينة عن الأسباب التي أدت إلى انخفاض هذا المؤشر في المغرب إلى هذه المستويات، في حين أنه يصل في دول أخرى إلى سبعين في المائة، حيث يكون الجميع تقريبا، رجالا ونساء وشباباً، منخرطين في سوق العمل.

ويضاف إلى هذه الصورة القاتمة، حسب الخبير ذاته، ارتفاع مستوى البطالة المقنعة وتفاقم البطالة في صفوف الشباب والنساء، واصفاً إياها بـ”الأرقام المقلقة”.

وربط الفينة هذه الوضعية المتأزمة بعدم ظهور أي مفعول حقيقي للبرنامج الواسع للتشغيل الذي عبرت الحكومة عن رغبتها في إطلاقه، والذي كان من المفترض أن يستهدف الشباب بشكل خاص، حيث لاحظ أن أثره لم يظهر بعد على أرض الواقع.

وخلص الفينة إلى أن هذه المعطيات، مجتمعة، تؤكد أن وضعية سوق الشغل في المغرب ما زالت متدهورة، وأن البرامج المعلن عنها لم تحقق أهدافها بعد، مما يستدعي وقفة تحليلية أعمق تتجاوز الأرقام الظاهرية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *