تشير أحدث تقديرات المندوبية السامية للتخطيط إلى تسجيل الاقتصاد الوطني لوتيرة نمو إيجابية خلال الفصل الثاني من عام 2025، من المنتظر أن تبلغ حوالي 4,6 في المائة، مدفوعة بانتعاش واضح في عدد من القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها الخدمات والصناعات الاستخراجية والبناء، إلى جانب مساهمة ملحوظة للقطاع الفلاحي.
وبحسب مذكرة ظرفية حديثة، فإن هذا الأداء الاقتصادي يُعزى بالأساس إلى تحسّن مستمر في الأنشطة غير الفلاحية، خاصة قطاع الخدمات الذي يواصل منذ عام 2022 تسجيل معدلات نمو أعلى بكثير من المتوسط المسجل بين عامي 2010 و2019، ويُعد هذا المعطى إشارة قوية إلى الدينامية الجديدة التي يشهدها هذا القطاع، في ظل تحولات اقتصادية وهيكلية متسارعة.
وفي السياق ذاته، توقعت المندوبية أن يكون قطاع الصناعات الاستخراجية قد حقق أداءً جيدا خلال نفس الفترة، بفضل ارتفاع الطلب العالمي على المواد الأولية، وفي مقدمتها الفوسفاط الخام، مما انعكس بشكل مباشر على نمو الصادرات، خصوصًا في ظل استمرار ارتفاع الأسعار الدولية للأسمدة.
من جهة أخرى، شهد قطاع البناء انتعاشًا نوعيًا بلغت نسبته حوالي 6,8 في المائة، وهو ما يُعزى إلى الزخم المتزايد الذي تشهده الأوراش الكبرى للبنية التحتية على المستوى الوطني، ما يعكس أثر السياسة الاستثمارية العمومية في تنشيط الدورة الاقتصادية.
أما القطاع الفلاحي، فرغم التحديات المناخية التي طبعت الموسم الفلاحي 2024/2025، فقد حافظ على نمو سنوي قارَب 4,7 في المائة خلال الفصل الثاني، مساهما بما يقارب نصف نقطة مئوية في إجمالي النمو. ورغم تسجيل تحسّن في إنتاج المحاصيل بشكل عام، إلا أن المندوبية حذّرت من وجود تباينات على مستوى الغلّة، بسبب التأثيرات المناخية غير المنتظمة، من ارتفاع درجات الحرارة إلى التوزيع غير المتوازن للأمطار بين مختلف المناطق.
وتشير التوقعات إلى أن بعض الزراعات، من قبيل الفواكه الشجرية والبذور الزيتية، قد تكون تضررت بشكل ملحوظ، في حين يُرتقب أن يكون مردود الحبوب والخضروات الموسمية والمحاصيل السكرية أفضل نسبيًا، خصوصًا في المناطق التي استفادت من السقي أو التي لم تتأثر بشكل حاد بندرة المياه، وذلك بفضل التدابير الداعمة المعتمدة.
وتُبرز هذه المؤشرات مجتمعة مسارًا انتعاشيًا تدريجيًا للاقتصاد الوطني، مدعومًا بتنوع مصادر النمو وتفاعل إيجابي لبعض القطاعات مع الطلب الدولي، رغم استمرار بعض الإكراهات المرتبطة بالتقلبات المناخية والسياق الدولي المتقلب.