كشف التقرير السنوي الثاني عشر حول الاستقرار المالي عن تسارع لافت في وتيرة لجوء الأسر المغربية إلى قروض الاستهلاك، والتي قفزت إلى 162 مليار درهم خلال 2024.
لكن خلف هذا النمو القوي الذي بلغ 7,9 في المائة، والذي يعكس ديناميكية مهمة لسوق التمويل، تكمن مؤشرات تثير قلق الخبراء حول تآكل القدرة الشرائية وهشاشة مالية الأسر.

ويعود هذا النمو المتسارع بشكل أساسي إلى الديناميكية القوية لشركات التمويل المتخصصة التي ارتفعت تمويلاتها بنسبة 11,5 في المائة، متجاوزة بذلك نمو القروض الممنوحة من طرف البنوك. غير أن المؤشر الأبرز الذي توقف عنده الخبير الاقتصادي والمالي، مهدي فقير، هو هيمنة “القروض الشخصية” التي تستحوذ على 69 في المائة من إجمالي هذه الديون.
وتعليقا على هذه الأرقام، يرى مهدي فقير في حديثه مع بلبريس، أن هذه الدينامية، وإن كانت إيجابية من الناحية الرقمية والمحاسباتية وتؤكد على نجاح مؤسسات التمويل في تعبئة الادخار ورسكلته في الاقتصاد، إلا أنها تثير علامات استفهام كثيرة.
ويوضح فقير أن “اللجوء الكثيف للاقتراض ليس لدواع ذات طبيعة استثمارية، فالأمر لا يتعلق بشكل أساسي بشراء المركبات أو التجهيزات، وإنما بقروض وسلفات شخصية”.
ويعتبر الخبير الاقتصادي أن هذا التوجه هو مؤشر مقلق على “تآكل مدخرات الأسر وصعوبة الادخار، والاتجاه نحو الاقتراض لتغطية مسائل ذات طابع يومي ومعيشي”.
هذا الواقع، بحسب فقير، يثير بعض القلق لأنه في حالة حدوث أزمة ظرفية، قد يؤثر ذلك بشكل كبير على سوق التمويلات والتوازن المالي لشركات التمويل نفسها، مما يستدعي الكثير من المواكبة واليقظة.
ورغم أن مهدي فقير يؤكد على أن بنك المغرب يؤطر هذه العمليات بشكل صارم وحازم عبر مجموعة من الضوابط الاحترازية، إلا أن التساؤل الجوهري يبقى مطروحا حول الأسباب العميقة التي تدفع المواطنين بهذا الشكل إلى الاقتراض من أجل تمويل نفقاتهم اليومية، في ظاهرة تعكس ضغطا متزايدا على القدرة الشرائية للأسر المغربية.