لماذا سحب الاستقلال مقترح تجريم "كراهية الأجانب"؟

قرر الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، خلال جلسة عمومية عقدت اليوم الإثنين بمجلس النواب والمخصصة للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة، سحب مقترح قانون كان قد تقدم به سابقًا، يرمي إلى التصدي للتمييز العنصري وكراهية الأجانب في المغرب.

ويأتي هذا القرار في سياق مشحون، أعقب سلسلة من الصدامات التي اندلعت في الأسابيع الأخيرة بين مهاجرين غير نظاميين والسلطات المحلية، خصوصًا في مدن كبرى كالدار البيضاء وفي مناطق فلاحية مثل اشتوكة أيت باها.

مقترح القانون، الذي كان الفريق الاستقلالي قد وضعه على طاولة البرلمان، نصّ على تجريم مختلف أشكال الميز العنصري والتحريض على الكراهية تجاه الأجانب، عبر سنّ عقوبات زجرية تتراوح بين شهر وثلاث سنوات من السجن، وغرامات مالية تصل إلى 50 ألف درهم.

كما هدف إلى تعزيز المساواة أمام القانون، دون تمييز على أساس العرق أو اللون أو الأصل أو الدين أو اللغة، تماشيًا مع مقتضيات الدستور المغربي والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.

وكانت المذكرة التقديمية للمقترح قد أشارت إلى أن المغرب، الذي تحوّل منذ مطلع الألفية إلى بلد عبور واستقرار للمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، في حاجة إلى تشريع يضمن لهؤلاء معاملة قائمة على الإنصاف والكرامة. واعتبر الفريق أن المقترح ينسجم مع التوجهات الملكية الداعية إلى اعتماد مقاربة إنسانية وشاملة لتدبير ملف الهجرة.

وتوزعت مقتضيات المقترح على ثلاثة أبواب، خصص أولها لتعريف المبادئ والأهداف، بما في ذلك الاعتراف بالتعدد الثقافي ومنع أي سلوك ينطوي على تمييز أو تقييد لحقوق الأفراد. أما الباب الثاني، فحدد المجالات التي يُمنع فيها الميز العنصري، مع التنصيص على بعض الاستثناءات المرتبطة بالإجراءات التفضيلية لفائدة الفئات الهشة أو التي تفرضها مقتضيات وظيفية أو تعليمية. فيما تناول الباب الثالث آليات الزجر والتحسيس، مؤكدًا على ضرورة محاربة الخطابات العنصرية والترويج للكراهية، خاصة من قبل المسؤولين أو التنظيمات السياسية أو الفاعلين في المجتمع المدني.

وفي سياق متصل، كشفت مصادر استقلالية تحدثت لـ"بلبريس"، أنه "بالرغم من شمولية النص وتقدمه من حيث المقاربة الحقوقية، إلا أن التوترات الأخيرة في عدد من المدن، وما تبعها من احتقان اجتماعي وتوظيف سياسي للمسألة، دفعت الفريق الاستقلالي إلى مراجعة موقفه وسحب المقترح، في خطوة تعكس حذرًا سياسيا قبيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وتفاديًا لأي تأويل قد يُستثمر ضد الحزب في سياق مجتمعي حساس يشهد تصاعدًا في الخطابات الرافضة لوجود المهاجرين، خاصة من دول إفريقيا جنوب الصحراء".

وحاولت "بلبريس" ربط الاتصال بعلال العمراوي رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، لكن لم يتسن أخذ تعليقه الفوري حول الموضوع.