صراع انتخابي يلوح في الأفق: معركة مبكرة حول نمط الاقتراع تلهب الساحة السياسية

رغم أن موعد الانتخابات التشريعية لا يزال بعيداً بأكثر من عام، بدأت نيران الجدل السياسي تشتعل مبكراً حول القوانين الانتخابية ونمط الاقتراع، وسط تضارب واضح في مواقف الأحزاب، واستعدادات حثيثة لإعداد مذكرات ومقترحات جديدة قد تقلب موازين اللعبة السياسية قبل فتح باب المشاورات الرسمية مع وزارة الداخلية.

 

بلعوني: إصلاح نمط الاقتراع ضرورة استراتيجية

 

واعتبر مصطفى بلعوني، عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال، أن الوضع الانتخابي الحالي لم يعد قادراً على مجابهة التحديات المطروحة، مؤكداً أن إعادة النظر في نمط الاقتراع باتت حتمية إن كانت البلاد تتطلع إلى مشهد سياسي أكثر قوة ومجالس منتخبة قادرة على التفاعل والاقتراح الفعلي.

 

وأضاف الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية في تصريح لـ "الصباح" أن التحولات التنموية التي تعرفها مختلف القطاعات الوطنية تفرض مراجعة القوانين الانتخابية وتحيين ميثاق الانتخابات، بهدف تمكين المجالس الترابية من لعب دور محوري في قيادة التنمية على المستوى المحلي، مع الدعوة إلى منح المنتخبين صلاحيات اجتماعية واقتصادية أوسع وتحرير القرار الترابي من القيود المسبقة التي تعيق فعاليته وسرعته.

 

المجالس الترابية... من التسيير إلى الإنتاج

 

ونبّه بلعوني إلى أن المجالس المنتخبة يجب أن تتحول إلى "أحواض إنتاجية" في مجالات التمدرس، التشغيل، الصحة والنقل، وذلك في إطار الميزانيات المحلية، من خلال تعديل جوهري لميثاق الجماعات الترابية بما يتماشى مع رهان الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري.

 

انتقادات حادة لنمط الاقتراع الحالي

 

ووفق متتبعين ومهتمين، فإن نمط الاقتراع اللائحي المعتمد حالياً، المبني على "أكبر البقايا"، أثبت فشله في تعزيز التعددية السياسية أو تجديد النخب، إذ أصبح مجرد اقتراع فردي مقنّع، يُكرّس هيمنة الوكيل ويحدّ من فرص تداول النخب والكفاءات. أما نمط الاقتراع الفردي المخصص للمجالس الصغيرة، فلم ينجح هو الآخر في كسر الجمود أو إحداث دينامية تنموية محلية.

 

عزوف انتخابي يهدد المشهد السياسي

 

ومع تزايد الأصوات المطالبة بالتغيير، برزت تحذيرات من استمرار منحى العزوف الشعبي عن التصويت، والذي يُنذر بإضعاف العملية السياسية برمتها، بفعل النمط الانتخابي الحالي الذي يُعيد نفس الوجوه، ويمنع الأحزاب من تجديد صفوفها أو إنتاج نخب محلية فاعلة.

 

الفريق الاستقلالي يطالب بتحرك عاجل

 

في هذا السياق، دعا الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب وزارة الداخلية إلى الإسراع في فتح ورش مراجعة القوانين الانتخابية قبل نهاية الولاية الحكومية الحالية، مع التأكيد على ضرورة موازاة ذلك بتسريع تنزيل اختصاصات الدولة نحو الجهات ونقل الموارد البشرية من المركز إلى الجماعات الترابية، لضمان انتخابات ذات جدوى ووقع حقيقي على التنمية.