شيكات تحت الطاولة وفواتير منفوخة... مصحات خاصة في مرمى التفتيش

فتحت لجان تفتيش تابعة لوزارة الصحة تحريات معمقة إثر شكايات توصلت بها عبر منصة إلكترونية خصصتها الوزارة لهذا الغرض، تتهم عدداً من المصحات الخاصة بممارسات غير قانونية تمس أساس العلاقة بين المريض ومؤسسة العلاج، وعلى رأسها مطالبة المرضى أو ذويهم بإيداع شيكات ضمان، فضلاً عن تجاوزات أخرى تتعلق بالفوترة المشكوك في مصداقيتها.

ووفق ما علمته "الصباح"، فإن هذه الشكايات توزعت على مصحات في كل من الرباط والدار البيضاء وطنجة، وتحدث أصحابها عن تعرضهم لضغوط من أجل أداء مبالغ مالية تحت الحساب أو تقديم شيكات ضمان، بالرغم من تقديمهم التزامات تكفل من شركات التأمين التي يتعاملون معها. وشكك عدد من المشتكين في الفواتير المقدمة إليهم، خاصة فيما يخص تكاليف الأدوية والمستلزمات الطبية التي استُهلكت أثناء فترة الاستشفاء.

وشرع مفتشو وزارة الصحة في افتحاص دقيق لسجلات بعض هذه المصحات، وركزت التحقيقات على الوثائق المحاسباتية وكشوفات الأداء للأشهر الأربعة الأخيرة، بالإضافة إلى بيانات الحسابات البنكية. وقد أسفر هذا التفتيش عن ضبط شيكات غير مؤرخة لدى إحدى المصحات، ما يرجح أنها استُعملت كضمان، في خرق واضح للضوابط القانونية المنظمة للعلاقة بين المصحة والمرتفقين.

وكشفت التحريات كذلك عن تلاعبات في فواتير العلاج، إذ تم رصد مطالبات مالية تتعلق بخدمات لم تُدرج ضمن لائحة المصاريف التي تمت الموافقة عليها من قبل شركات التأمين، كما تبين أن بعض الأطباء يتلقون أتعاباً إضافية خارج الأجور الرسمية التي تدفعها المصحة، ما يُثير تساؤلات حول الشفافية والمصداقية.

وأوضحت مصادر "الصباح" أن بعض المصحات تلجأ إلى تضخيم أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية، لا سيما أثناء العمليات الجراحية والولادة، ما يُثقل كاهل المرضى بمصاريف يصعب التأكد من مشروعيتها بعد استهلاك المواد الطبية.

وفي سياق متصل، أظهرت التحريات الأولية في مصحتين أن هناك شيكات موقعة بتاريخ سابق لم تُودع في الحسابات المصرفية للمصحة رغم مرور أزيد من أسبوعين على إصدارها، ما يدعم فرضية استخدامها كضمان مؤقت إلى حين السداد النقدي.

وقد أنهت لجان التفتيش مهامها في ثلاث مصحات، حيث جرى تحرير محاضر تُوثّق التجاوزات المسجلة، في انتظار رفع تقارير مفصلة إلى السلطات المركزية بوزارة الصحة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات تأديبية أو قانونية.

ويُذكر أن مجلس المنافسة سبق أن نبه، من خلال تقرير صادر عنه، إلى غياب هيئة أو بنية إدارية دائمة تتولى تتبع وتنظيم قطاع المصحات الخاصة في المغرب، وهو ما يفتح المجال أمام ممارسات خارجة عن القانون دون رقابة منتظمة.

تجدر الإشارة إلى أن وزارة الصحة أطلقت مؤخراً منصة إلكترونية مخصصة لاستقبال شكايات المواطنين الذين يتعرضون لتجاوزات من طرف المؤسسات الصحية الخاصة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة وتحسين جودة الخدمات الصحية.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.