مدونة الأسرة أثارت زوبعة وسط المجتمع...خلاف وهبي والتوفيق حول التعدد

ارتفعت درجة حرارة النقاش والجدل بين المواطنين، في كل الفضاءات العمومية، وفي مختلف وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، حول مضامين التعديلات الجديدة على مدونة الأسرة.
وبات واضحا وجود نوع من الخلاف بين عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، وأحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، حول موقف العلماء من التعدد، بالجواب عن سؤال: “هل وجب اشتراط الزوجة الأولى في عقد الزواج، على زوجها عدم الزواج عليها إلا في حالة العقم وإصابة بمرض ما، أم لأسباب أخرى؟”.
وبينما حسم وهبي، في اللقاء الصحافي الذي استعرض التعديلات، موقفه في النقطة الرابعة ضمن 16 نقطة مثيرة للجدل، بـ “إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط”، وأنه، في حال غياب هذا الاشتراط، فإن “المبرر الموضوعي الاستثنائي” للتعدد، سيصبح محصورا في إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية، قال التوفيق إن “جواب الشرط لا يستجيب لمشروعية إدراج موافقة الزوج في التعدد، وإنه يمكن لولي الأمر أن يقرر ذلك”.
ونشر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية خطابه في موقع الوزارة، تجنبا للتأويل، الذي صاحب الترويج لتعديل مدونة الأسرة، دون السماح للصحافيين بوضع أسئلة لتنوير الرأي العام الوطني، ما أدى إلى مهاجمة بعض المنتمين للتيار السلفي لعلماء المجلس العلمي، وتحرك نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ببث أشرطة فيديو، ومشاهد تمثيلية مهاجمة لمدونة الأسرة بتأويل بنودها بطريقة سلبية.
وقال التوفيق إن “ما صدر من فتوى عن العلماء في موضوع مدونة الأسرة بهذه الحيثيات المتعلقة بالاجتهاد، وذيلوها بالتفويض لأمير المؤمنين، لأنه إمام الأمة الأعظم وولي أمرها، هو لأجل اتخاذ كل ما يراه مناسبا لحماية الدين والملة، ولسياسة الدنيا به، ولحفظ وحدة الأمة، ورعاية مصالحها ودرء المفاسد عنها”، وأضاف” أن أمير المؤمنين لم يستعمل هذا التفويض، ما يفيد أنه يضع ثقته في العلماء ويحملهم مسؤولياتهم”.
وأوضح التوفيق أن دور العلماء في تأطير التدين لا ينحصر في الإفتاء، بل هو في الأساس دور تبليغي، ومن ثمة فهو دور تخليقي، ومن قبيل هذا التخليق الحرص على العلاقة بين الرجل والمرأة، التي بناها القرآن الكريم على المعاشرة بالمعروف، التي تصون المحبة والرحمة وتغني عن اللجوء إلى تبعات الخلاف سواء كانت مادية أو معنوية.
وشدد الوزير على تمسك علماء المغرب بالمذهب المالكي الممثل في المادة 400 من مدونة الأسرة، درءا للمفاسد، مع إمكانية الاستفادة من مراجعة أخرى لا تخالف القطعي في الدين، أو المسائل التي تحفظ عليها المغرب على صعيد القوانين المطروحة دوليا.
ويتشبث العلماء بالمذهب المالكي، لإنهاء النقاش حول حرية المعتقد، التي تعني إرساء طوائف دينية، تتقاتل فيما بينها.
وأثارت قضيتان الرأي العام الوطني، وجعلتا الحداثيين ينضمون إلى المحافظين برفض فكرة إنفاق الزوج المطلق على صديق، أو زوج مطلقته، أو يسمح أن يدخل “الغريب” على بناته في بيت الزوجية بعد زواج مطلقته، أو أن تطرد مطلقته، أو أرملته، أبويه من بيت الزوجية، لأن التنشئة الاجتماعية للمغاربة تمنع ذلك. وتم بناء هذه المواقف لغياب التوضيحات من قبل الحكومة، واتصلت “الصباح” بعبد اللطيف وهبي، وزير العدل، وتركت له رسائل قصيرة، ولم يرد، فيما أكد مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، ردا على سؤال لـ “الصباح”، في ندوة صحافية، بأن الحكومة لديها توجيهات واضحة، منها احترام الآجال المعقولة، وحسن البلورة والصياغة بناء على المرجعيات والمرتكزات التي تحدثت عنها رسالة الملك المتعلقة بمبادئ العدل والمساواة، والتضامن والانسجام.

عن يومية الصباح