الوضعية المزرية للمهاجرين وطالبي اللجوء بالمغرب تثير استنكار حقوقيين

قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إنها تتابع بقلق وانشغال كبيرين ما يعانيه المهاجرون بالمغرب، خاصة الأفارقة من جنوب الصحراء سواء النظاميون أو غير النظاميون، واللاجئون وطالبو اللجوء، من قساوة ظروف عيشهم وشعورهم الدائم بعدم الاستقرار والخوف والإحساس بالدونية.
وأكدت الجمعية في بيان لمكتبها المركزي، أن السياسات العمومية والاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، لم ترقى أن تكون سياسات حقيقية للهجرة ترتكز على المقاربة الإنسانية والحقوقية، تهدف إلى إدماج فعلي ناجع للمهاجرين واللاجئين بالمغرب، وإلى تدبير تدفق المهاجرين وفق مقاربة إنسانية تتوافق مع الالتزامات الدولية للمغرب، وتحترم حقوق المهاجرين.
وشددت على أن الممارسات والتدابير المتخذة من طرف السلطات، تنتهك باستمرار حقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء المكفولة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدق عليها المغرب، وعلى رأسها اتفاقية جنيف لسنة 1951 المتعلقة بوضعية اللاجئين والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لسنة 1990.
وأشارت الجمعية أنها وقفت مؤخرا على العديد من الانتهاكات والخروقات سواء من خلال بعض فروعها أومن خلال متابعة مسؤوليها على المستوى المركزي لوضعية المهاجرين، منها العثور على خمسة جثث مرة واحدة لأفارقة من جنوب الصحراء يوم 15 دجنبر 2022، والعثور على جثة أخرى في اليوم الموالي بمنطقة رأس العصفور، قريبا من الشريط الحدودي مع الجزائر بإقليم جرادة.
وانتقدت الوضعية الهشة والمزرية، التي تعطي صورة مقززة للمهاجرين/ات الأفارقة من جنوب الصحراء قرب المحطة الطرقية أولاد زيان بالدار البيضاء، بعد مواصلة السلطات الترحيلات القسرية لهم من المناطق الحدودية بالشمال، نحو المدن الداخلية والجنوبية بما في ذلك مدينة الدار البيضاء، في خرق سافر للحق في التنقل، المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ولفتت إلى أن عملية الترحيل ودون توفير أدنى الشروط لاستقبالهم، مما أدى إلى خلق تجمعات لهم قرب المحطة الطرقية لأولاد زيان إلى جانب باقي مهمشي المدينة من المواطنين المغاربة، حيث تقوم السلطات بين الفينة والأخرى بحملات عشوائية وعنيفة من أجل إفراغهم من الخيم البلاستيكية التي يحتمون بها من البرد القارس، وتصادر ممتلكاتهم البسيطة كما تم تأكيده في الشهادات التي أدلى بها بعض المهاجرين لأعضاء من الجمعية.
وأضافت أن ارتفاع عدد المهاجرين بهذه المنطقة، يعود بالأساس إلى ما يتعرضون له من ترحيلات قسرية من مناطق أخرى من جهة، ومن جهة أخرى إلى عدم حماية الدولة لحقوقهم، خاصة وأن العديد منهم يعتبرون من طالبي اللجوء، نظرا لفرارهم من بلدانهم الأصلية بسبب الحروب والنزاعات أو الاضطهاد، ومع ذلك لم تتوفر لهم وسائل لوضع طلبات لجوئهم، بسب غياب نظام عام للجوء بالمغرب وغياب قانون للجوء يحمي حقوقهم المنصوص عليها في المواثيق الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف للاجئين، المصدق عليها من طرف الدولة المغربية.
وسجلت أن انعدام فرص الشغل وشح الموارد المالية التي يتوفرون عليها، يجعل من إمكانية حصولهم على سكن لائق أمرا مستحيلا، يضاف إلى ذلك ما يعانون منه من تمييز بسبب لون بشرتهم وبسبب جنسياتهم، حيث يمنعون من الاستحمام بالحمامات العمومية، كما أن منطقة تواجدهم تفتقر لكل المرافق الضرورية للعيش الكريم بما فيها المرافق الصحية، حيث يقضون حاجاتهم الطبيعية في ظروف غير طبيعية كما عاين ذلك أعضاء الجمعية.
واعتبرت أن تدخل السلطات كان يجب أن يكون في اتجاه أنسنة ظروف عيش هؤلاء المهاجرين الذين أجبرتهم الظروف على اتخاذ بلدنا منطقة عبور نحو أوربا قبل أن يصبحوا عالقين به، إذ أفرزت هذه الوضعية المزرية بعض التوترات مع ساكنة محيط أولاد زيان، وهو ما استغلته السلطات من أجل تسويق صورة تمييزية واحتقارية وعدائية اتجاه المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، خاصة عبر الإعلام المسخر، بالرغم من أن تصريحات الساكنة (كما استقاها أعضاء من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ميدانيا)، لم تتجاوز حد مطالبتها بإيجاد حل لوضعية هؤلاء المهاجرين/ات وإبعادهم/ن عن فضاء محطة أولاد زيان غير الملائم لإيوائهم/ن من حيث الشروط الصحية والإنسانية.
واستنكرت إقدام السلطات على اعتقالات وترحيلات جماعية (حوالي 30 مهاجرا ومهاجرة أغلبهم سودانيين/ات)، ليلة الإثنين 16 يناير2023، من مدينة الناظور نحو الحدود المغربية الجزائرية في اتجاه تويست بإقليم مدينة جرادة، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على وضعهم الصحي الذي قد يصل إلى حد مصادرة حقهم المقدس في الحياة في بعض الأحيان، بسبب الجوع والأمراض والبرد وصعوبة التضاريس.
وطالبت الجمعية الدولة المغربية بضرورة احترام حقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، واحترام التزاماتها الدولية المنصوص عليها في العديد من الاتفاقيات ذات الصلة بحقوق المهاجرين اللاجئين وطالبي اللجوء وترجمة الشعارات حول تفرد الدولة في تدبير ملف حقوق المهاجرين واللاجئين في المنطقة، إلى سياسات وممارسات ملموسة على أرض الواقع.