عبرت منظمة النساء الاتحاديات عن أسفها لبقاء الحكومة الحالية على "النسق المحافظ السابق" في إشارة إلى حكومة العدالة والتنمية، وعدم "انحيازها إلى حقوق النساء خاصة، وانتاج سياسات أكثر انفتاحا وتحررا بصفة عامة"، وبالتالي "فشلها في إدراة الأزمة الإجتماعية التي انعكست سلبا على حقوق النساء وحرياتهن".
في البيان الختامي للمؤتمر الثامن للنساء، الذي انتخب حنان رحاب منسقة وطنية، قالت الاتحاديات "إننا كنا نأمل من الحكومة الحالية باعتبار ما تدعيه من ليبيرالية من جهة، ومن إعلان نوايا بأجرأة مقتضيات النموذج التنموي الجديد من جهة أخرى، أن تنحاز إلى حقوق النساء خاصة، وأن تنتج سياسات أكثر انفتاحا وتحررا بصفة عامة، خصوصا بعد الهزيمة الانتخابية للحزب الذي كان يمثل الإسلام السياسي، مما أعطى الإشارة على رغبة المغاربة في نموذج آخر لتدبير الشأن العام".
وأضافت في بلاغ لها، "لكن للأسف ظلت الحكومة الحالية سائرة على النسق المحافظ السابق، بل فشلت في إدارة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية بفعل تداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، والجفاف، مما ساهم في تدهور القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، وانهيار متوسط دخل الأسر، وطبعا كل ذلك ينعكس سلبا على حقوق النساء وحرياتهن".
وأوضح البلاغ، أنه يجب أن ننتبه أننا بحاجة اليوم إلى ترصيد المكتسبات التي تجاوب معها جلالة الملك محمد السادس والتي تمثل ترجمة لشعار المشروع المجتمعي الحداثي الديموقراطي والذي بشرت به الخطب الملكية لحظتها وتحصينها، وكذا إلى تحيين كثير من الأطر القانونية المعيارية التي استنفدت أغراضها، ولم تعد تجيب عن التحولات المجتمعية التي تعرف مساهمة أكبر للنساء في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية.
وفي هذا الجانب شددت المنظمة، على “ملاءمة القانون الوطني مع مضمون وروح الاتفاقيات والمواثيق الدولية، خصوصا على مستوى القانون الجنائي الذي لا زال يتضمن بنودا منافية للحريات الفردية والجماعية، مع إعمال المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات، خصوصا على مستوى السياسات والإنفاق العمومي، وكذا المناصب في المؤسسات الدستورية والوطنية والتمثيلية، بما ينسجم مع التقدم الذي تحققه النساء على مستوى التعليم والتكوين والخبرات”.
كما، طالبت المنطمة أيضا، بإلغاء كل القوانين التمييزية ضد النساء، وإنهاء كل مظاهر التذرع بالخصوصيات المتوهمة من أجل استدامة الأنساق الذكورية الباطرياركية، التي لا تنسجم مع الدراسات التي أبانت عن حجم مشاركة النساء الواسعة في إنتاج الثروة وفي إعالة الأسر، مع الانكباب على تحيين مدونة الأسرة بتفاعل إيجابي ومنفتخ مع التوجيهات الملكية بهذا الخصوص، من أجل مدونة منصفة ومنفتحة على المواثيق الكونية لحقوق الإنسان، وعلى القراءات المنفتحة والمقاصدية لأحكام الدين الإسلامي وخصوصا لجهة منع زواج القاصرات، وتضييق السلطة التقديرية للقاضي في إباحة التعدد في أفق إلغائه.
وأشارت المنطمة في بيانها، بضرورة الإسراع بإخراج القانون المتعلق بتقنين الإجهاض الطبي الآمن، على أساس مراعاة رغبة المرأة في الإنجاب، والحالات المرتبطة بالصحة الإنجابية، أو بالاعتداءات الجنسية، والانفتاح على التجارب الدولية بخصوص الإيقاف الاختياري للحمل، فتح النقاش الجاد بشأن إصلاح منظومة الإرث لصالح المساواة. ولصالح إلغاء كل القوانين التي أصبحت مجالا للسطو على حقوق الوريثات بما يعارض مقاصد الإسلام، لصالح قراءات تاريخية متجاوزة وليدة سياقات تحتقر النساء، ولا تعترف بمساهمتهن في إنتاج الثروة وتثمينها.
وأكدت المنظمة، على إعتراف الدولة المغربية بالعمل غير المأجور للنساء في أفق التعويض المالي عنه، مع اعتماد سياسات تشغيل موجهة للنساء لمحاربة تأنيث البطالة، وايضا إقرار سياسات تقوي الاقتصاد الاجتماعي لصالح التمكين الاقتصادي للنساء، بالإضافة إلى تسهيل ولوج الفتيات للتعليم، وضمان استمراريته، وخصوصا في القرى والمناطق الشبه حضرية، التي كانت المتضررة الكبرى من اضطرابات سير العمليات التربوية والتعليمية خلال جائحة كورونا.
ودعت المنظمة، إلى تطوير الإطار القانوني المرتبط بالصحة الإنجابية بضمان المجانية والولوجية، مع إنصاف النساء في القوانين الاجتماعية ، خصوصا تلك المتعلقة بالسجل الاجتماعي الموحد المرتقب، وتعميم التغطية الصحية الإجبارية، والتقاعد، والتعويض عن فقدان الشغل، بالإضافة الى تجريم المفاضلة في الأجور بين العاملات والعمال في القطاع الخاص، وإصلاح القانون التنظيمي للمالية عبر مأسسة مقاربة النوع أثناء وضع الميزانيات القطاعية والفرعية، من. أجل ضمان إقرار المساواة في الاستفادة من المال العمومي، وإصلاح مدونة الجبايات لصالح عدالة ضريبية لصالح النساء، بالإضافة إلى إجبارية اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي كذلك في الميزانيات المحلية.
كما، شددت المنطمة، على دعم المشاركة السياسية والنقابية للنساء وتوسيع تمثيليتهن في مراكز القرار السياسي والاقتصادي إعمالا لمبدأ المساواة الكاملة، ومكافحة كل الصور النمطية التي يتم ترويجها في الإعلام، والمنطلقة من التمييز التفاضلي لصالح الرجل، والمبخسة لأدوار النساء، وهي الصور النمطية التي ماتزال مترسخة في قنوات أخرى مثل بعض خطب الجمعة، أو بعض الكتب المدرسية.