أمكراز أم باكيري؟ معركة "المصباح" المصيرية لاستعادة المجد أمام أخنوش في سوس
في أجواء مشحونة وتحت أنظار خصومه التقليديين، يستعد حزب العدالة والتنمية لخوض واحدة من أشرس معاركه السياسية بجهة سوس ماسة، عبر محطة تنظيم مؤتمره الجهوي السابع مطلع الشهر المقبل، في خطوة تُراهن على إعادة إحياء حزب "المصباح" في معقل انتخابي يعتبره الكثيرون "ساحة اختبار حاسمة" لقياس قدرته على العودة للمشهد السياسي بعد نكسة 2021.
ولإضفاء طابع رمزي على هذه المحطة المفصلية، قررت قيادة الحزب الدفع بالأمين العام عبد الإله بنكيران للإشراف المباشر على المؤتمر الجهوي، في رسالة واضحة بأن سوس لم تعد هامشاً، بل أولوية قصوى في حسابات استعادة النفوذ السياسي.
ورغم أن المؤتمر لم يُعقد بعد، إلا أن كواليس "البيجيدي" بسوس بدأت تشتعل مبكراً، مع بروز اسمين يتصدران الترشيحات لقيادة المرحلة المقبلة: محمد أمكراز، الوزير السابق والوجه الشاب ذو الخطاب الناري، ومحمد باكيري، القيادي الهادئ والخبير في تدبير الملفات التقنية على المستوى الجماعي.
أمكراز.. رهان على المواجهة المباشرة
أنصار أمكراز يرونه "ورقة رابحة" لمواجهة حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقوده رئيس الحكومة عزيز أخنوش، باعتباره يتمتع بخبرة وزارية وسجل نضالي داخل الشبيبة، بالإضافة إلى حضوره القوي في السجالات السياسية، ما يجعله، بحسب المتحمسين له، “رجل المرحلة” القادر على بعث روح المعارضة الحقيقية، وتوجيه ضربات مباشرة لمواقع الضعف في صفوف الأغلبية.
باكيري.. خيار العقل والتقنية
في الجهة المقابلة، يُطرح محمد باكيري كخيار مختلف، يُراهن عليه أصحاب المدرسة الهادئة في الحزب. فالرجل الذي سبق له أن شغل منصب نائب رئيس جماعة أكادير، يتميز بنهج تقني، يعتمد على الأرقام والتحليل الميداني، بعيدًا عن الخطابات التصعيدية، ما يجعله مرشحاً مثالياً لتدبير مرحلة إعادة البناء التنظيمي وترتيب البيت الداخلي.
معركة وجودية لا تحتمل الأخطاء
الواقع أن العدالة والتنمية في سوس لا يملك ترف ارتكاب الأخطاء. فالجهة التي وُصفت غير ما مرة بـ"مقبرة الأحزاب"، تضع الحزب أمام تحدٍ وجودي حقيقي، خاصة في ظل المنافسة الشرسة التي تقودها أسماء ثقيلة مثل عزيز أخنوش، عبد اللطيف وهبي وعبد الصمد قيوح.
ولذلك، فإن حضور بنكيران في هذا المؤتمر لا يُقرأ فقط كتحرك تنظيمي، بل كمحاولة لبث نفس جديد في هياكل الحزب، وإعلان عودة "البيجيدي" إلى ساحة المواجهة في واحدة من أعقد الساحات السياسية بالبلاد.
فهل يختار الحزب التصعيد والمجابهة المباشرة بقيادة أمكراز؟ أم يفضّل نهج التدرج والبناء الهادئ مع باكيري؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القليلة المقبلة، غير أن المؤكد أن "معركة سوس" قد انطلقت فعلاً، ونتيجتها قد تعيد تشكيل ميزان القوى السياسي قبل تشريعيات 2026.