بعد أيام من التوتر المتحكم فيه في الضفتين، بدأ الدفء يعود رويدا رويدا إلى العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا، في ظل التغيرات والاضطرابات التي تعرفها المنطقة على المستويين الاستراتيجي والجيوسياسي، خاصة مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، والتطبيع بين المغرب وإسرائيل، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، وعودة الجنرالات بقوة في الجزائر، وعودة كذلك تحديات الهجرة غير النظامية في المنطقة، والتهديدات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء والعمق الإفريقي.
كل هذه التحديات والمخاطر والمصالح الاقتصادية تفرض على البلدين تدشين السنة الجديدة بعقد القمة المؤجلة بالرباط في الشهر المقبل، في حالة سمح الوضع الوبائي بذلك.
ويبدو، كذلك، أن “حزمة المصالح المشتركة” بين البلدين عجلت بالتواصل بينهما، وفرضت عليهما احتواء تداعيات بعض التصريحات الرسمية المثيرة للجدل في البلدين، وعدم الانسياق، كذلك، وراء الخطاب الإعلامي الذي كان في العديد من المناسبات يُصعب أكثر مما يُسهل التقارب بين البلدين في الأوقات الصعبة.
ويتضح ذلك جليا من خلال رفض وزيرة الخارجية الإسبانية، غونثاليث لايا آرانتشا، الخوض في التطورات التي تعرفها العلاقات الثنائية بين واشنطن والرباط، وفضلت التركيز على العلاقات بين واشنطن.
الوزيرة الإسبانية حاولت طمأنة الجناح المتطرف في الجيش الإسباني بتكذيب، ضمنيا، ما يروج بخصوص نقل القاعدة العسكرية “روتا” بإسبانيا إلى المغرب.
في هذا الإطار، رفضت وزيرة الخارجية الإسبانية الخوض في الشأن المغربي خلال حوار أجرته مع إذاعة “كانال سور راديو” بقولها: “شخصيا، لا يمكنني الحديث عن المخططات التي لدى الولايات المتحدة الأمريكية في المغرب، لكن يمكنني أن أقول لكم إن القاعدة العسكرية “روتا” لا تواجه أي خطر، ولا يوجد أي سبب يدفع إلى الخوف” على هذه القاعدة.
وبينت أن “العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا، فيما يتعلق بالقاعدة العسكرية “روتا” كما “مورون” (قاعدتان أمريكيتان بإسبانيا) وثيقة جدا ويطبعها تناغم كبير”.
وأكدت، كذلك، أن العلاقات الثنائية اليوم بين المغرب وإسبانيا، لم تتأثر بتأجيل القمة الثنائية الرفيعة المستوى بين البلدين، التي كان من المرتقب أن تعقد في 17 دجنبر المنصرم، وبقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة الكاملة على مغربية الصحراء، وبتصريح النائب الثاني لرئيس الحكومة الإسبانية، بابلو إغليسياس، الداعم لجبهة البوليساريو، وبتصريح رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، حول مغربية الثغرين المحتلين سبتة ومليلية.
وأوضحت قائلة: “ما حدث فعلا هو أنه كانت هناك وضعية يصعب تدبيرها من قبل السلطات المغربية؛ لا يجب إغفال أن الحدود المغربية كانت مغلقة، بينما كانت قمة من مستوى رفيع بين المغرب وإسبانيا تفترض حضورا واسعا، وهو الشيء الذي لم يكن ممكنا في ذلك الوقت في هذا البلد (المغرب)”.
وأردفت: “معا، وفي إطار التوافق، قررنا في دجنبر تأخير هذه القمة إلى أن يسمح الوضع بانعقادها بما تستحقه من اهتمام وحضور”، مبينة أن الرغبة في حضور القمة لا تقتصر على أعضاء الحكومة، بل حتى على المقاولين من البلدين كما هي العادة في مثل هكذا لقاءات.
وخلصت الوزيرة إلى أن “العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا عادية جدا. وكانت لدي فرصة الحديث مع نظيري المغربي، ناصر بوريطة، يوم 30 دجنبر المنصرم، بغية تبادل التهاني بحلول العام الجديد، ولكن من أجل، أيضا، التحضير للقمة الرفيعة المستوى التي نتطلع إلى عقدها في شهر فبراير المقبل. نريد إعطاء هذا الاجتماعي الأهمية التي يستحقها”.