“هاي ماروك”.. مشروع استراتيجي يعزّز تموقع المغرب في سوق الطاقة النظيفة

دخل المغرب مرحلة جديدة في مسار تنويع مصادره الطاقية، بعدما تم الإعلان عن إحداث شركة بريطانية جديدة تحت اسم "هاي ماروك"، مهمتها استكشاف إمكانيات الهيدروجين الطبيعي والهيليوم داخل التراب المغربي.

ويعد المشروع ثمرة شراكة متساوية بين شركتي "ساوند إنرجي" و"جيتك"، في خطوة تعكس تصاعد اهتمام المستثمرين الدوليين بثروات المغرب الطاقية وخصوصًا تلك المرتبطة بالطاقات النظيفة والبديلة.

ومنذ توقيع اتفاق التعاون بين الطرفين في أكتوبر من سنة 2024، تم الشروع في عمليات مسح ميدانية شملت دراسات علمية دقيقة، انتهت خلال شهر يونيو الجاري، وأسفرت عن اختيار مواقع وُصفت بأنها ذات مؤهلات واعدة، تقع بالأساس في ضواحي العاصمة الرباط، وفقًا لما أكده مسؤولون بالشركتين البريطانيتين.

ماكس برورز، المسؤول عن تطوير الأعمال بشركة "جيتك"، أوضح أن تأسيس "هاي ماروك" يمثل مرحلة نوعية جديدة ضمن الشراكة مع "ساوند إنرجي"، مشيرًا إلى أن المشروع يستند إلى معطيات جيولوجية وجيوفيزيائية تم التحقق منها وفق أعلى المعايير الدولية، ومدعومة بخبرة ميدانية راكمها الطرفان في مجالات التنقيب عن المحروقات.

من جانبه، صرح جون أرغنت، نائب رئيس شركة "ساوند إنرجي" المكلف بالعلوم الجيولوجية، أن نتائج الأبحاث جاءت مبنية على منهجية علمية صارمة مكّنت من تحديد أفضل المواقع المحتملة لاستخراج الهيدروجين الطبيعي، مؤكدًا أن المغرب يمتلك ظروفًا جيولوجية فريدة وموقعًا استراتيجيًا يعزّز من جاذبيته في السوق الدولية للطاقة.

وتأتي هذه المبادرة في سياق التحولات الطاقية التي يشهدها المغرب، الذي يعمل على تقليص اعتماده على الوقود الأحفوري، من خلال الاستثمار في مصادر طاقية مستدامة.

ويُعد الهيدروجين الطبيعي، المستخرج مباشرة من باطن الأرض، من بين البدائل الواعدة، نظرًا لتكلفته المنخفضة التي لا تتجاوز دولارًا واحدًا للكيلوغرام، بحسب المعطيات التقنية المقدمة من الشركة البريطانية. أما الهيليوم، فهو يُعتبر عنصرًا استراتيجيًا يدخل في صناعات دقيقة تشمل المجال الطبي، والتقنيات الفضائية، والإلكترونيات المتقدمة، والطاقة النووية، ما يعزز القيمة المضافة للمشروع.

وفي بلاغ رسمي موجّه لبورصة لندن بتاريخ 17 يونيو الجاري، أعلنت "ساوند إنرجي" عن انتهاء أشغال المسح الإقليمي، وتأسيس الكيان المشترك "هاي ماروك"، مع الكشف عن حصص الشركاء وخطة العمل المستقبلية، وهو ما يشير إلى التزام واضح بالشفافية وبالضوابط الاستثمارية العالمية.

هذه الخطوة لا تعكس فقط تقدّمًا تقنيًا في الاستكشاف، بل تُجسّد أيضًا ثقة دولية متجددة في قدرة المغرب على التحوّل إلى منصة إقليمية رائدة في مجال الطاقات المتجددة والنظيفة، في زمن بات فيه الانتقال الطاقي ضرورة استراتيجية أكثر منه خيارًا اقتصاديا.