النفط يتراجع في ختام أسبوع متقلب تحت ضغط ثلاثة عوامل
أنهت أسعار النفط تعاملات الأسبوع على تراجع، مختتمةً فترة شهدت تقلبات حادة، حيث وجد المتعاملون أنفسهم في حيرة بين عوامل متضاربة تضغط على السوق من اتجاهات مختلفة. وشملت هذه العوامل احتمال زيادة جديدة في إمدادات الخام من تحالف "أوبك+"، والمخاطر المتزايدة التي تشكلها الحرب التجارية العالمية على مستقبل الطلب على الطاقة، مقابل تهديد متجدد بفرض عقوبات أمريكية صارمة على صادرات النفط الإيراني.
وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، انخفض خام "برنت" القياسي إلى ما دون مستوى 62 دولاراً للبرميل، مسجلاً خسارة أسبوعية مرتقبة تتجاوز 7%، بينما استقر خام "غرب تكساس" الوسيط الأمريكي بالقرب من حاجز 59 دولاراً للبرميل.
وتتجه الأنظار الآن إلى اجتماع تحالف "أوبك+"، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، والمقرر عقده يوم الإثنين المقبل. وسيناقش الاجتماع سياسة الإمدادات لشهر يونيو القادم، وسط تقارير وتوقعات تشير إلى إمكانية الاتفاق على زيادة جديدة في الإنتاج للشهر الثاني على التوالي، بعد الزيادة المفاجئة التي تم إقرارها لشهر مايو.
وعلى صعيد التوترات الجيوسياسية، عاد ملف العقوبات الإيرانية ليطل برأسه، حيث هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بفرض عقوبات ثانوية على أي دول أو شركات تستمر في شراء النفط الإيراني. ويأتي هذا التصعيد ليزيد الضغط على طهران بعد تعثر المحادثات النووية مع واشنطن، وكان لهذا التهديد أثر مباشر في دفع أسعار النفط للارتفاع مؤقتاً خلال جلسة يوم الخميس.
ورغم هذه التوترات الجيوسياسية التي عادة ما تدعم الأسعار، إلا أن المخاوف الاقتصادية الأوسع نطاقاً ظلت هي المهيمنة على معنويات السوق. فقد فقدت أسعار النفط ما يقارب خُمس قيمتها منذ بداية العام، لتصل إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات. ويُعزى هذا التراجع الكبير بشكل أساسي إلى الحرب التجارية التي أشعلتها إدارة ترمب عبر فرض رسوم جمركية، مما أثار قلقاً عميقاً من أن تؤدي هذه السياسات الحمائية إلى دفع الاقتصاد العالمي نحو الركود، وبالتالي تراجع الطلب على الطاقة بشكل كبير.
وقد عززت البيانات الاقتصادية الصادرة هذا الأسبوع من هذه المخاوف، حيث أظهرت الأرقام انكماشًا غير متوقع في الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الأول من العام، بالتزامن مع مؤشرات ضعف إضافية في قطاع التصنيع الحيوي في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم.
وفي ظل هذه المخاوف المتعلقة بالطلب، جاءت تحركات "أوبك+" المحتملة لزيادة الإنتاج لتعمق قلق السوق من حدوث فائض في المعروض العالمي خلال عام 2025. فإعادة تشغيل جزء من القدرات الإنتاجية الكبيرة التي أوقفها التحالف سابقاً تثير تخوفات من أن يتجاوز العرض الطلب. ويتوقع المتعاملون والمحللون على نطاق واسع، وفقاً لاستطلاع أجرته "بلومبرغ"، أن يقر التحالف بالفعل زيادة جديدة في الإنتاج خلال اجتماعه المقبل، مستندين في ذلك إلى المفاجأة التي أحدثها الشهر الماضي بالموافقة على ضخ كميات تفوق ما كان مخططاً له.