مرة أخرى، تكشف كنوز الفوسفاط المغربية عن أسرار العصور السحيقة، حيث أعلن فريق دولي من علماء الحفريات عن اكتشاف نوع جديد من الديناصورات في حوض أولاد عبدون بضواحي خريبكة. أُطلق على هذا الكائن المنقرض اسم “تالتا تالتا”، وهو ينتمي إلى فصيلة الهادروصوريات، المعروفة بالديناصورات ذات منقار البط، وقد عاش قبل نحو 66 مليون سنة في أواخر العصر الطباشيري، حين كانت أجزاء واسعة من المغرب مغمورة ببحر ضحل.
وما يجعل هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة “Gondwana Research” العلمية، فريداً من نوعه هو السمات التشريحية الاستثنائية التي تميز فكَّيْه العلويين اللذين عُثر عليهما. يتميز “تالتا تالتا” بصف أسنان مستقيم وتاج سني مائل وكبير، مما يشير إلى أنه امتلك نمط تغذية مختلف عن بقية الأنواع المكتشفة في نفس المنطقة، مثل “أجنابيا أوديسيوس” و”مينقارية باتا”، وهو ما يعكس التنوع البيولوجي الكبير الذي شهدته المنطقة.
ويرجح الباحثون أن هذا الاختلاف هو نتيجة لعملية “الإشعاع التكيفي”، حيث خضعت هذه الديناصورات لتحولات تطورية سريعة بعد هجرتها من أوروبا إلى شمال أفريقيا، متكيفة بنجاح مع بيئتها الجديدة، على عكس مصيرها في أمريكا الشمالية حيث واجهت الانقراض التدريجي.
ويُحتفظ بهذه البقايا الثمينة حالياً في المتحف الطبيعي بمراكش التابع لجامعة القاضي عياض، في إطار تعاون علمي مع جامعة باث البريطانية. ويعزز هذا الاكتشاف مكانة المغرب كوجهة عالمية رئيسية في علم الحفريات، ويؤكد مجدداً على أن مناجم الفوسفاط ليست مجرد ثروة اقتصادية، بل هي أيضاً سجل تاريخي مذهل للحياة على كوكبنا.