شكل خطاب اليوم لجلالة الملك محمد السادس بمناسبة قرار مجلس الامن الدولي نموذجا في سمو ونبل الخطاب السياسي لملوك المغرب العظام، بعد قول جلالة الملك في خطاب الانتصار: ‘’ورغم التطورات الإيجابية، التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية، يبقى المغرب حريصا على إيجاد حل لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف.
فالمغرب لا يعتبر هذه التحولات انتصارا، ولا يستغلها لتأجيج الصراع والخلافات’’، فرغم انها قد تبدو كلمات بسيطة، لكن لها دلالات قوية فرضتها انتاج شروطها،
وموقع منتجها أي جلالة الملك، الذي خاطب اليوم شعبه من مضامين الفصل 42 من الدستور المغربي.
تربية واخلاق وثقافة جلالة الملك بدت واضحة في خطاب اليوم رغم خمسين سنة من التضحيات في مسار ترسيخ مغربية الصحراء، والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل، في إطار حل توافقي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي.
إنه خطاب النبل، فحينما اعتبر جلالة الملك أنه رغم التطورات الإيجابية، التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية، يبقى المغرب حريصا على إيجاد حل لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، وهو ما يعبر عن نبل الملوك العظماء وتواضعهم وحرصهم على عدم الانتقام أو التشفي أو الافتخار بما حدث اليوم بمجلس الامن الدولي، بل إن جلالته خاطب النظام الجزائري بقوله إن المغرب سيبقى حريصا علي إيجاد حل لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، مضيفا جلالته إن المغرب لا يعتبر هذه التحولات انتصارا، ولا يستغلها لتأجيج الصراع والخلافات.
لقد أكد شكل ومضمون خطاب جلالة الملك هذه الليلة أن الملوك والقادة العظام يولدون بسمات وقدرات فطرية خارقة تميزهم عن غيرهم، وأن التاريخ هو نتيجة لأفعال هؤلاء الرجال القلائل الذين يمتلكون هذه الصفات.
كل ما سبق من خصال سامية تؤكده نظرية توماس كارليل حول القائد العظيم، التي تقول إن القادة يمتلكون سمات مثل الكاريزما والذكاء والحكمة تجعلهم قادرين على إحداث تأثير كبير في مجتمعاتهم، وأن القادة يولدون ولا يُصنعون، وأن صفاتهم القيادية هي سمات وراثية وفطرية لا يمكن اكتسابها من خلال التعلم أو التدريب.
وحسب قناعتي، فهذه حقيقة من المسلمات، لكون جلالة الملك محمد السادس ابن الملك الراحل جلالة الحسن الثاني عبقري المسيرة الخضراء ابن الملك الراحل محمد الخامس سليل الاسرة العلوية الشريفة الممتدة في تاريخ المغرب