فجر ناصر الزفزافي، المعتقل على خلفية أحداث حراك الريف، موجة جديدة من الجدل السياسي، عقب رد وجهه إلى عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، على خلفية تصريحات أدلى بها هذا الأخير خلال لقاء حزبي، وصفت بأنها أعادت إلى الواجهة نقاشا حساسا حول الخطاب السياسي وحدود توظيف المؤسسات.
وعبر الزفزافي، في رسالة جرى تداولها عبر حساب شقيقه طارق الزفزافي على موقع “فايسبوك”، عن رفضه لما اعتبره نمطا سياسيا قائما على التملق والتزلف، متهما بنكيران بمحاولة الظهور في موقع المتحدث باسم الديوان الملكي، ومشددا على أنه يفضل الاستمرار في السجن على القبول بما وصفه “الانحناء مقابل الفتات”.
واعتبر المعتقل السابق أن تجربته داخل السجن، وما رافقها من معاناة خلال فترة تولي بنكيران رئاسة الحكومة، تجعله غير معني، حسب تعبيره، بأي مواعظ أو دروس أخلاقية تصدر عن رئيس الحكومة الأسبق، الذي حمّله مسؤولية سياسية وأخلاقية عمّا آلت إليه أوضاعه.
وفي سياق متصل، انتقد الزفزافي ما وصفه بالهوة الاجتماعية المتسعة داخل المجتمع المغربي، متهما بنكيران بالاستفادة من امتيازات مالية لا تنسجم مع واقع فئات واسعة تعيش الفقر والتهميش، متسائلا عن مدى انسجام هذا الوضع مع المرجعية الدينية التي طالما شكلت محور خطاب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية.
وأكد الزفزافي أن السجال القائم لا يرتبط بمسألة توجيه الشكر، بقدر ما يرتبط بالكلمة التي ألقاها في وقت سابق من سطح منزل والده الراحل، والتي قال إنها كانت سببا في انزعاج خصومه السياسيين، بعدما لقيت تفاعلا واسعا داخل المغرب وخارجه، وأسهمت، بحسبه، في كشف ما اعتبره زيفا في الاتهامات الموجهة إليه.
وقال الزفزافي “لقد حاول المدعو” عبد الاله بنكيران” عتابي على عدم شكري للملك، وكأنه صار ناطقا رسميا باسم الديوان الملكي، او مكلفا بالرد علي بالنيابة، ولكن في الحقيقة هذه الشطحة ماهي إلا واحدة من شطحاته المعهودة التي يبتغي بها التملق والتزلف”.
وتابع موجها انتقادا لاذعا لبنكيران “لعلمك يامن ذل البلاد واهان العباد، ما أستطيع أن أقوله لك باختصار رغم انك في الحقيقة من الذين رفع عنهم القلم، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم، لو كنت فعلا تخاف ربك ويوم الحساب لكنت كرست كل وقتك في الاستغفار والتوبة، بدل الخوض في أمور أكبر منك بكثير، عل الله يخفف عنك أوزارك التي اقترفتها يداك في حق هذا الوطن الذي بصقك غير مأسوف عليك إلى مزبلة التاريخ”.
وأضاف قائلا “أما أنا فلست دابة حتى تركب على ظهري لتصل الى مبتغاك السياسي الوقح، فلقد جرب البعض من أمثالك من قبل وسقطوا، دون أن يتمنكوا من الوقوف مجددا، ثم شتان بيني وبينك، رغم أنه لا مجال للمقارنة بين من يقضي سنوات من عمره في سبيل مبادئه وبين الذي خان كل شيء مقابل سلطة زائلة ومال لا يغني ولا يسمن من جوع أمام الله يوم القيامة فانت بالذات آخر من سيعلمني مكارم الاخلاق يا من ظلم المغاربة”.
وشدد الزفزافي في رده على بنكيران بقوله “تتقاضى 7ملايين سنتيم بينما انت لا تستحقها، بينما هناك من المواطنين من يفترش الأرض ويلتحف السماء لأنه لم يجد مالا يستأجر به بيتا يأويه واولاده من البرد ومنهم من يأكل من حاويات المزابل ليسد به رمقه وـنت تاكل مالذ وطاب فأين مرجعيتك الدينية واين قال الله ورسوله؟؟؟
ويأتي هذا التصعيد في أعقاب تصريحات أدلى بها عبد الإله بنكيران، خلال لقاء تواصلي لحزب العدالة والتنمية مع الهيئات المجالية بجهة مراكش آسفي، يوم السبت 13 دجنبر، أكد فيها أن الملك محمد السادس هو من أعطى تعليماته للسماح للزفزافي بمغادرة السجن لحضور جنازة والده الراحل أحمد الزفزافي.
وشدد بنكيران، في السياق ذاته، على أن قرار السماح للزفزافي بحضور مراسم الجنازة لم يصدر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، معتبرا أن الملك هو من سمح له بالخروج وإلقاء كلمة وصفه فيها بـ “الزعيم”، وهو التصريح الذي فجر نقاشا واسعا حول طبيعة الصلاحيات المؤسسية وحدود الخطاب السياسي في تناول القضايا ذات الحساسية الحقوقية والإنسانية.