هل يتسبّب “صراع” بنكيران والزفزافي في أزمة البيجيدي بالريف؟

كشفت مصادر خاصة لـ“بلبريس” أن حالة من الغليان التنظيمي تسود داخل حزب العدالة والتنمية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، على خلفية الجدل السياسي الذي تفجر أخيرا بسبب التصريحات المتبادلة بين الأمين العام للحزب عبد الإله بنكيران وقائد حراك الريف المعتقل ناصر الزفزافي.

وأفادت المصادر ذاتها أن عددا من الوجوه البارزة داخل الحزب بالجهة تتجه نحو تجميد عضويتها، تعبيرا عن احتجاجها على ما اعتبرته إساءة سياسية وأخلاقية في حق الزفزافي، وعلى الاتهامات التي وجهها له بنكيران في خرجاته الأخيرة.

وبحسب المعطيات التي توصلت بها “بلبريس”، فإن هذا التوجه نحو تجميد العضوية يعكس حالة استياء عميق داخل القواعد والقيادات الجهوية، التي ترى أن تصريحات الأمين العام تجاوزت حدود المسؤولية السياسية وأسهمت في تعميق الشرخ الداخلي، خاصة في منطقة ما تزال تداعيات حراك الريف حاضرة بقوة في وجدانها السياسي والاجتماعي.

وأشارت المصادر إلى أن بعض القيادات تعتبر أن استمرار هذا الخطاب قد يكلف الحزب ثمنا تنظيميا وسياسيا باهظا، ويضعف ما تبقى من تماسكه في الجهة.

في المقابل، أكدت المصادر نفسها أن قيادات داخل الأمانة العامة للحزب دخلت على خط الأزمة، في محاولة لاحتواء التوتر ولمّ الشمل، عبر فتح قنوات تواصل مع القيادات الجهوية وحثها على التراجع عن قرارات التجميد، تفاديا لانفجار تنظيمي قد تكون له انعكاسات أوسع على صورة الحزب وطنيا. وأضافت أن هذه المساعي تصطدم، إلى حدود الساعة، بتشبث عدد من الغاضبين بمواقفهم، في انتظار ما ستؤول إليه التطورات المقبلة.

ويأتي هذا الاحتقان الداخلي في سياق سياسي مشحون، أعقب الجدل الواسع الذي أثارته تصريحات بنكيران حول ظروف خروج ناصر الزفزافي من السجن لحضور جنازة والده، وما تلاها من رد من هذا الأخير، فتح نقاشا جديدا حول حدود الخطاب السياسي، واستعمال الرمزية المؤسساتية في الصراعات الحزبية، وانعكاس ذلك على توازنات الداخل الحزبي لحزب العدالة والتنمية، خصوصا في المناطق التي عرفت توترات اجتماعية وسياسية سابقة.

هذا وتفجّر الجدل السياسي الأخير عقب تفاعل ناصر الزفزافي، المعتقل على خلفية أحداث حراك الريف، مع تصريحات أدلى بها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، خلال لقاء حزبي، أعاد فيها طرح مسألة خروجه المؤقت من السجن لحضور جنازة والده الراحل. وقد أثارت تلك التصريحات نقاشا واسعا حول طبيعة الخطاب السياسي وحدود استحضار المؤسسات في سياقات حزبية، خاصة عندما يتعلق الأمر بملفات ذات بعد حقوقي وإنساني.

وفي رسالة جرى تداولها عبر حساب شقيقه طارق الزفزافي على موقع “فايسبوك”، عبّر المعني بالأمر عن رفضه لما اعتبره توظيفا سياسيا لقضيته، منتقدا الأسلوب الذي قُدمت به التصريحات، ومشددا على أن مواقفه لا تنطلق من البحث عن امتيازات أو مكاسب، بل من قناعات مرتبطة بتجربته الشخصية ومسار احتجاجي يرى أنه دفع ثمنه داخل السجن.

وتوقف الزفزافي في رده عند المرحلة التي تولى فيها بنكيران رئاسة الحكومة، معتبرا أن تلك الفترة اقترنت، بالنسبة إليه، بمعاناة شخصية وسياسية، وهو ما يجعله، حسب تعبيره، غير معني بالخطاب الأخلاقي الذي يوجهه رئيس الحكومة الأسبق.

كما تطرق إلى الفوارق الاجتماعية داخل المجتمع المغربي، منتقدا ما وصفه بعدم الانسجام بين الخطاب الديني المعلن والممارسات المرتبطة بالامتيازات المادية.

وأكد الزفزافي أن الخلاف القائم لا يرتبط بمسألة بروتوكولية أو رمزية، بقدر ما يتعلق بالكلمة التي ألقاها في وقت سابق خلال جنازة والده، والتي اعتبر أنها حظيت بتفاعل واسع وأسهمت في إعادة طرح قضيته في الفضاءين الوطني والدولي. وقد تضمن رده انتقادات سياسية حادة لبنكيران، واتهامات باستغلال الموضوع في سياق سجالي يخدم، بحسبه، أهدافا سياسية.

ويأتي هذا السجال في أعقاب تصريحات بنكيران خلال لقاء تواصلي لحزب العدالة والتنمية مع الهيئات المجالية بجهة مراكش آسفي، يوم 13 دجنبر، أكد فيها أن السماح للزفزافي بحضور مراسم الجنازة جاء بتعليمات ملكية، معتبرا أن القرار لم يصدر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وهو ما أعاد إلى الواجهة نقاشا سياسيا وقانونيا حول حدود الصلاحيات والخطاب المتداول بشأنها.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *