تتجه الأنظار خلال الأسابيع المقبلة إلى الصيغة المحينة التي سيقدمها المغرب بشأن مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، بعد التأكيد الملكي على أن هذه الوثيقة ستطرح أمام الأمم المتحدة باعتبارها “الأساس الوحيد للتفاوض”.
هذه الخطوة ستعيد ترتيب النقاش حول جوهر المشروع المغربي، خصوصا أن المبادرة الأصلية التي عرضت عام 2007 تضم 35 بندا تفصيليا، وتقوم على منح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا واسعا تحت سيادة المملكة، بسلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية محلية منتخبة تدير الشأن الجهوي، مع احتفاظ الدولة المركزية باختصاصات السيادة، مثل الدفاع والخارجية والعملة والشأن الديني.
في هذا السياق، قدم الخبير والمحلل السياسي محمد شقير قراءة خاصة لـ بلبريس، مؤكدا أن الرهان الأول اليوم يتعلق بـ “إقناع الجزائر بالجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب الآجال”، معتبرا أن تحريك هذا المسار يحتاج إلى ضغط أمريكي مباشر، بالنظر إلى وزن واشنطن في التوازنات الإقليمية وداخل مجلس الأمن.
وأوضح الخبير أن الجزائر قد تلجأ، كالعادة، إلى محاولة ربح الوقت واللعب على تناقضات القوى الدولية، خاصة بين فرنسا والولايات المتحدة، في لحظة تشهد فيها مؤشرات على محاولة الجزائر تخفيف التوتر مع باريس، كان أبرزها إطلاق سراح الكاتب بوعلام صلصال بوساطة ألمانية.
وبرأي شقير، فإن دفع الجزائر نحو التفاوض سيفضي إلى واحد من هذه السيناريوهات، أولها يقوم على تفاوض ثنائي مباشر بين المغرب والجزائر، يُفتح فيه النقاش حول الملفات العالقة، وفي مقدمتها مسألة إعادة فتح الحدود، وكذلك التوافق بشأن الصحراء الشرقية، التي تطالب الجزائر باعتراف مغربي باندماجها السياسي والقانوني داخل التراب الجزائري.
أما السيناريو الثاني، فيتعلق بالدخول في مرحلة تفاوضية تقنية ودقيقة حول تفاصيل مبادرة الحكم الذاتي المحينة التي سيعرضها المغرب، بما يشمل بنية المؤسسات الجهوية، آليات انتخابها، اختصاصاتها، الضمانات القانونية المصاحبة لها، إضافة إلى التفاهم حول شروط عودة ساكنة المخيمات والإجراءات الإنسانية والإدارية المرتبطة بذلك.
وخلص شقير إلى أن مستقبل المفاوضات سيظل رهينا بمدى استعداد الجزائر للانخراط في مسار واقعي، وبقدرة الفاعلين الدوليين على فرض إيقاع تفاوضي واضح يضع مبادرة الحكم الذاتي، بصيغتها المحدثة، في صلب أي حل سياسي دائم لقضية الصحراء المغربية.