“البنود السرية” لاتفاق مدريد تعود إلى الواجهة بعد القرار 2797

بعد أيام قليلة على صدور قرار مجلس الأمن رقم 2797، الداعي إلى إطلاق مفاوضات بين أطراف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، على أساس مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية وبرعاية أممية مباشرة، بدأت معطيات جديدة تفتح شهية بعض الدول للعودة إلى ثروات المنطقة.

وفي طليعة هذه الدول إسبانيا، التي أعادت إحياء الحديث عن “البنود السرية” لاتفاق مدريد الثلاثي الموقع سنة 1975.

إسبانيا، بصفتها القوة الاستعمارية السابقة للصحراء، تقود اليوم مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع الرباط لتجديد اتفاقية الصيد البحري بما يشمل سواحل الأقاليم الجنوبية، وتعتبر نفسها صاحبة الأولوية في أي ترتيبات اقتصادية بالمنطقة، وذلك وفق التقرير الذي نشرته وكالة “أوروبا بريس”، والتي كشفت تفاصيل وثائق ظلت طي السرية لخمسة عقود.

وتطرقت الوكالة في تقريرها إلى اتفاقية مدريد الموقعة في 14 نونبر 1975، أي بعد أيام فقط من انطلاق المسيرة الخضراء، والتي مهدت لخروج إسبانيا من الصحراء سنة 1976 وتقاسم إدارة الإقليم بين المغرب وموريتانيا، قبل أن تنسحب الأخيرة من جنوبه سنة 1979 وتستعيده الرباط بشكل كامل.

المثير في التقرير هو تسليط الضوء على أربعة ملاحق كانت مرفقة بالاتفاق الأصلي، لم يُعلن عن مضمونها حينها، قبل أن تتسرب أجزاء منها سنة 1978 عبر مجلة “إنترفيو”، وهمت هذه الملاحق أساسا الامتيازات الاقتصادية التي حصلت عليها مدريد في مجالي الصيد البحري والمعادن.

ووفق هذه الوثائق، فقد اعترف المغرب وموريتانيا بحق إسبانيا في استغلال موارد الصيد بمياه الصحراء عبر 800 سفينة لمدة 20 سنة بالشروط نفسها التي كانت سارية، مع إعفائها من الرسوم خلال السنوات الخمس الأولى.

أما في السنوات الخمس عشرة اللاحقة، فقد نص الاتفاق على أداء رسوم “تفضيلية” تعد الأقل مقارنة بأي بلد ثالث، على أن تحدد قيمتها لجنة مشتركة قبل بدء السنة السادسة.

كما كشفت الملاحق عن اتفاقيات منفصلة تخص مياه المغرب وموريتانيا الإقليمية، ففي الحالة المغربية، خُوِّل لأسطول يصل إلى 600 سفينة الصيد بالسواحل الأطلسية للصحراء، إضافة إلى 200 أخرى في البحر الأبيض المتوسط، مع تقديم لوائح سنوية، بينما سمحت موريتانيا لـ200 سفينة إسبانية بالصيد في مياهها الإقليمية وفق النظام نفسه.

وتضمن الاتفاق أيضا ترتيبات حول القطاع المعدني تمت بشكل ثنائي بين الرباط ومدريد دون إشراك نواكشوط، أبرزها إنشاء شركات للتنقيب على المعادن تمنح إسبانيا حصة تبلغ 35 في المائة، إضافة إلى منح المغرب 65 في المائة من رأسمال شركة “فوس بوكراع” واستكمال دفع قيمة الأسهم حسب أسعار نهاية سنة 1975.

ويأتي نشر هذه المعطيات من طرف مؤسسة إعلامية غير رسمية لكنها مقربة من صناع القرار في مدريد، في لحظة حساسة تلت القرار الأممي الجديد، وفي سياق موازي لانطلاق مشاورات الاتحاد الأوروبي بشأن تجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، وهي الاتفاقية التي سبق وقفها، ما أثر على مهنيي الصيد في الأندلس وغاليسيا والكناري.

وفي خضم هذه التطورات، كشف كوستاس كاديس، المفوض الأوروبي لشؤون الصيد والمحيطات، خلال تقديمه معطيات أمام لجان البرلمان الإسباني، أن هناك مقترحا جديدا يتم إعداد تفاصيله للتفاوض بشأنه مع الرباط، في حين تصر المملكة المغربية على أن يشمل أي اتفاق مستقبلي جميع مياهها، بما فيها سواحل الصحراء المغربية.

ويُذكر أن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز كان قد غير المسار التقليدي لموقف مدريد من ملف الصحراء، من خلال رسالته الموجهة إلى الملك محمد السادس بتاريخ 18 مارس 2022، والتي أكد فيها أن مقترح الحكم الذاتي المغربي هو الأكثر جدية وواقعية ومصداقية، وهو الموقف الذي فتح مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *