بين الغضب والمبادرة.. مليكة حفيظ تحلل دينامية “جيلZ” في المغرب

في تدوينة فكرية جديدة، تناولت القاضية مليكة حفيظ الحراك الشبابي الذي يشهده المغرب في الآونة الأخيرة، معتبرة أن ما يُعرف بـ”حركة GenZ” ليس حدثًا عابرًا، بل حلقة ضمن مسار طويل من التوترات الاجتماعية والسياسية التي رافقت الدولة المغربية الحديثة.

وقالت حفيظ إن هذا الجيل الجديد لم يخرج من فراغ، بل تشكّل في ظل سياق خاص يتسم بالركود السياسي وتراجع الثقة في المؤسسات الوسيطة، إلى جانب أزمة عميقة في التمثيلية الحزبية والنقابية، مضيفة أن “فضل المبادرة يعود لهذا الجيل بالذات، لأنه تحرك في لحظة بدا فيها المجتمع وكأنه في حالة خمول عام”.

وأكدت الباحثة أن الأجيال السابقة كانت تعتقد أن النسق السياسي لا يمكن تغييره إلا من داخله، “لكن جيل GenZ رفض أن يورث التطبيع مع الأزمة، وقرر كسر دائرة الصمت بمبادرة راديكالية، وهو ما يمثل تحولًا مهمًا في الثقافة السياسية المغربية”.

وأضافت حفيظ أن راديكالية الخطاب الشبابي ليست عيبًا بقدر ما هي خاصية طبيعية في المراحل الأولى من أي حراك اجتماعي، حيث يسود الانفعال الثوري وتُعاد صياغة النقاشات العمومية على أسس جديدة. وأشارت إلى أن التاريخ السياسي المغربي نفسه يقدم شواهد على دور الموجات الأولى من الحركات الاجتماعية في “كسر التابوهات وفتح مساحات للتعبير، قبل أن تأتي مراحل أكثر تدرجًا وعقلانية”.

وفي تحليلها لمواقف الأجيال الأخرى، أوضحت الكاتبة أن الإشكال الحقيقي لا يكمن في راديكالية الشباب، بل في موقف الفئات الأخرى التي اكتفت بالمشاهدة أو التعليق، في وقت كانت فيه اللحظة تقتضي الانخراط والمواكبة والتأطير. فالحركة الشبابية، حسب رأيها، تظل محدودة ما لم تُحتضن من قبل قوى اجتماعية أوسع، كالأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، القادرة على تحويل الزخم الشبابي إلى مسار عملي قابل للاستمرار.

وترى مليكة حفيظ أن جوهر المرحلة لا يتمثل في الحكم على حركة GenZ، بل في إدراكها كمرحلة تأسيسية داخل دينامية أوسع نحو تجديد العقد الاجتماعي والسياسي في المغرب. وأضافت أن “المرحلة المقبلة تقتضي التقاء جيل التجربة والخبرة مع جيل الشباب على أرضية مشتركة، قوامها تحويل المبادرة الأولى إلى مشروع وطني جامع”.

واختتمت حفيظ تدوينتها بالتأكيد على أن “حركة GenZ قد أدت وظيفتها التاريخية بإطلاق شرارة المبادرة، لكن المسؤولية اليوم تقع على كاهل الأحزاب السياسية والنخب الوطنية”. فهذه الأخيرة مطالبة، بحسبها، بـ”تجاوز موقع المتفرج والناقد، واحتضان الزخم الشبابي وتوجيهه نحو مسار إصلاحي واقعي وذي أفق استراتيجي”.

وختمت بالقول إن مستقبل المغرب لا يمكن أن يُصنع بجيل واحد ولا في محطة واحدة، بل عبر تراكم وطني مشترك، داعية النخب المغربية إلى تحويل المبادرة الشبابية إلى فرصة لتجديد الفعل السياسي والمؤسساتي بدل تركها تضيع في دوامة التبخيس والانتظارية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *