أعلنت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان عن رفضها لما اعتبرته “خطوة صادمة وخطيرة تمسّ الأمن الصحي والسيادة الوطنية”، في إشارة إلى قرار وزير الصحة الجديد، التهراوي، القاضي بسحب تراخيص اللقاحات من معهد باستور المغرب ومنحها لشركة خاصة مملوكة لأحد أعضاء الحكومة.
واعتبرت الرابطة في بلاغها أن هذا القرار يشكل “اعتداء مباشرا” على مؤسسة وطنية عريقة خدمت المغاربة لأكثر من قرن، وقدمت تضحيات جسام في حماية الصحة العامة.
وأضافت أن الخطوة تمثل “تهديدا صارخا للأمن الصحي” من خلال جعل حياة المواطنين خاضعة لشركة خاصة تحتكر الدواء والسعر والمصير.
ووصفت الرابطة القرار بكونه “صفقة مشبوهة” تنطوي على تضارب مصالح واضح، وتكشف، بحسبها، عن خضوع الدولة لمصالح ضيقة على حساب الحق الدستوري في الصحة.
كما ربطت هذه التطورات باستمرار انهيار المنظومة الصحية التي تعيش أزمة غير مسبوقة، أفضت إلى موجة احتجاجات اجتماعية بمختلف مناطق البلاد.
وأشار البلاغ إلى “غياب أي دور للمعهد الوطني للصحة” الذي كان يفترض أن يشكل ركيزة لضمان الأمن الصحي ومراقبة السياسات العمومية المرتبطة بالدواء واللقاح.
واعتبرت الرابطة أن هذا التهميش يضعف قدرات المنظومة الصحية ويقصي الأطر الكفأة، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات صحية متزايدة.
ولمزيد من توضيح موقفها، قدّمت الرابطة مقارنة مع تجارب دولية، حيث أبرزت أن فرنسا تعتمد على تكامل بين معهد باستور باريس وشركة “سانوفي” تحت رقابة برلمانية وإعلامية، فيما تحتكر شركات خاصة في الولايات المتحدة الإنتاج لكن الترخيص يبقى بيد هيئة الغذاء والدواء (FDA) مع رقابة الكونغرس وضمان مجانية اللقاح.
بالمقابل، أشارت إلى أن المغرب يشهد، وفقها، “تفكيك مؤسسة وطنية لصالح شركة خاصة مرتبطة بالحكومة، في غياب تام للبرلمان والإعلام الرسمي”.
وأكدت الرابطة أن “اللقاح دواء سيادي وحق إنساني، وليس سلعة خاضعة للربح والاحتكار”، معلنة أنها بصدد دراسة رفع دعوى قضائية ضد وزير الصحة وكل من ساهم في تمرير هذا القرار، الذي وصفته بـ”المهدد للأمن الصحي”.
كما قررت الهيئة الحقوقية تنظيم ندوة صحافية وطنية في الأيام المقبلة لفتح نقاش عمومي حول وضعية الصحة والأمن الدوائي وتضارب المصالح داخل الحكومة، داعية البرلمان إلى ممارسة دوره الرقابي، والإعلام المستقل إلى كشف ما وصفته بـ”الكارثة” قبل أن يتحول الحق في الصحة إلى “ورقة مساومة تجارية”.
وفي ختام بلاغها، شددت الرابطة على أن ما يجري هو “تجريد للدولة من أحد أسلحتها السيادية” وتحويل المواطن إلى “رهينة بين أيدي لوبيات مصالح”، محملة الحكومة المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات صحية أو اجتماعية أو اقتصادية قد تترتب عن هذا القرار، ومؤكدة أنها ستلجأ إلى كل الوسائل القانونية والحقوقية والإعلامية للدفاع عن حق المغاربة في صحة آمنة ومجانية ومضمونة.