في إطار تعزيز الجهوية المتقدمة ، وسعيًا من الدولة المغربية إلى تعزيز التضامن بين الجهات وخلق تكافؤ بين الأقاليم ، يتجه المغرب نحو تنفيذ تقسيم إداري جديد سيغير خريطة الجهات والعمالات بالمملكة.
وتهدف الخطوة الاستراتيجية إلى تعزيز الحكامة الترابية وتفعيل مبادئ الجهوية المتقدمة، ومن المتوقع أن تتم المصادقة على هذا التقسيم قبل سنة 2027.
وحسب المعلومات المتوفرة لدى “بلبريس”، فإن أبرز مستجدات هذا التقسيم تشير إلى عزم الدولة جمع الجهات الجنوبية الثلاث (العيون الساقية الحمراء، الداخلة وادي الذهب، وكلميم واد نون) في جهة واحدة، تكون مدينة العيون مركزها الإداري والسياسي.
ويندرج هذا التقسيم للأقاليم الجنوبية المغربية تمهيدًا إلى تنزيل مقترح المغرب في قضية الصحراء بتفعيل الحكم الذاتي، كخيار استراتيجي لحل النزاع في الصحراء، وتركيز الجهود التنموية ضمن كيان موحد.
ويُرتقب حذف جهتي كلميم واد نون والداخلة وادي الذهب، مع إلحاق مناطقهما الإدارية بجهة العيون الساقية الحمراء، مما سيجعل من هذه الأخيرة قطبًا سياسيًا واقتصاديًا يعزز ارتباط المنطقة بالسيادة المغربية.
ويشمل التقسيم المنتظر إعادة ترتيب بعض الأقاليم داخل الجهة الجنوبية الجديدة. ومن بين هذه التعديلات، ضم دائرة آقا وجماعة فم الحصن بإقليم طاطا إلى إقليم آسا الزاك، مع تغيير اسم هذا الأخير ليعكس الهوية الجديدة للإقليم، وإلحاق جماعة المحبس، القريبة من الحدود مع الجزائر، بإقليم السمارة، مما يعكس اهتمامًا استراتيجيًا خاصًا بهذه المنطقة الحساسة.
ومن التعديلات المهمة في جهة درعة تافيلالت، التي طالما اعتُبرت من الجهات الأكثر هشاشة، فقد طرحت المسودة مقترح حذفها وتوزيع أقاليمها بين جهة سوس ماسة (في الشمال الغربي) وجهة مراكش آسفي (في الشمال الشرقي)، بهدف دمج هذه المناطق في أقطاب أكثر حيوية اقتصاديًا وتنمويًا.
وفي إطار تعزيز القرب من المواطنين وتحسين الإدارة المحلية، تقترح المسودة إحداث عدد من العمالات الجديدة مثل عمالة أولاد تايمة، حيث سيتم فصل جزء من إقليم تارودانت وضمها إلى العمالة الجديدة، وعمالة العروي، حيث سيتم تعزيز اللامركزية في منطقة الناظور، وعمالة القصر الكبير، حيث سيتم تسهيل تدبير منطقة اللوكوس، إلى جانب إحداث عمالة بوزنيقة وتيفلت “لتوسيع التقسيم الإداري لجهة الرباط سلا القنيطرة”، كما يتوقع تقسيم عمالة تارودانت إلى وحدتين إداريتين منفصلتين، مما سيتيح للمنطقة مرونة إدارية أكبر بالنظر إلى مساحتها الواسعة وتعقيداتها الجغرافية.
وتأتي هذه المستجدات في ظل الأوراش التي تشهدها الأقاليم الجنوبية مع مشروع تهيئتها كجزء من خطة الحكم الذاتي، وهو ما يؤكد جدية المغرب في مقترحه والتزامه الدولي، بالإضافة إلى رؤيته الاستراتيجية بتنزيل الجهوية المتقدمة وتحقيق التنمية المستدامة بدعم التنمية المحلية من خلال تقسيم أكثر عدالة للمسؤوليات والموارد بين الجهات.
ويعد هذا المخطط، إن تم تأكيده، تحولًا كبيرًا في إدارة التراب الوطني، خاصة مع إحداث جهة موحدة للصحراء المغربية.
جدير بالذكر أن المغرب عرف خلال السنة الأخيرة أوراشًا غير مسبوقة في عهد المملكة، ومن شأن التقسيم الجديد أن يسهم في تعزيز التنمية الجهوية المتقدمة.