شكل استقبال دولة اسبانيا لزعيم جبهة "البوليساريو" المدعو ابراهيم غالي، من أجل الاستشفاء بعد اصابته بالفيروس كورونا، النقطة التي أفاضت الكأس في العلاقات بينها وبين الدولة المغربية، فمنذ ولوج غالي التراب الإسباني زادت حدة توتر العلاقات بين الرباط ومدريد.
في هذا السياق، كشف الصحافي الاسباني المتخصص في الشؤون المغاربية "اغناسيو صامبريرو"، عن السيناريو اعتمدته اسبانيا عن طريق وزيرة الخارجية، ووزير الداخلية، في حكومة سانشيز بيريز كاستيخون، بإدخال غالي بهوية مزورة إلى الأراضي الاسبانية.
الصحافي الاسباني، أكد على أن صبري بوقادوم وزير خارجية الجزائر، اتصل بألمانيا أولا من أجل اتستقبال ابراهيم غالي لعلاجه، بعدما استقبلت الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون سابقا في مستشفى كولن وعالجته هناك، لكن ألمانيا رفضت حتى لا تقوم بتأجيج الأوضاع مع المغرب، الذي قام قبل ذلك بإصدار قرار داخل الحكومة يحث بعدم التعامل مع الدبلوماسية الألمانية.
اغناسيو صامبريرو، أشار إلى أن وزير الخارجية الجزائري بوقادوم لم يجد بعد ذلك، غير وزيرة الخارجية الاسبانية ارانتشا غونثاليث التي اتصل بها، وأخبرها بالموضوع، ووافقت على نقله لإسبانيا، وكانت ترغب بعدم إخبار أي أحد، لكنها في النهاية أخبرت وزير الداخلية مارلاسكا، وذلك حتى يتم التأشير على دخول ابراهيم غالي في المطار بدون مشاكل، على حد تعبيره.
وشدد الصحافي الاسباني ذاته، على أنه تم اختيار مستشفى مدينة لوغرونيو، على اعتبار أن هذه المدينة بعيدة عن الاعين، لكن وحسب ذات الصحافي، فإن المخابرات المغربية كشفت المخطط بأكمله خلال أيام، وهو ما جعل علاقات البلدين على المحك، بسبب ما قامت به وزيرة الخارجية.
وأبرز اغناسيو صامبريرو، أن غالي كان في مستشفى عين نعجة العسكري بالجزائر، وهو أفضل مستشفى لديهم، لكنهم لم يستطيعوا علاجه، ما جعلهم ينقلونه إلى مطار سرقسطة، حيث وصل يوم 18 أبريل على الساعة السابعة والنصف صباحا، وهناك ستلتقطه سيارة اسعاف وتنقله على الفور إلى مستشفى لوغرونيو قاطعة به 175 كيلومتر وبقي هناك الى غاية اليوم.
وتابع الصحافي الاسباني ذاته، أن صحيفة اسبانية مغمورة، سارعت إلى كتابة العديد من المقالات بنموذج مغربي، وذلك بعدما وصفت غالي بالانفصالي، خصوصا وأن الاعلام الاسباني لا يعتبر غالي انفصاليا، بل ثوريا مطالبا بأرضه.
وزاد المتحدث ذاته قائلا أن الصحيفة التي تدعى “ال نوتيثياريو”، ستقومبنشر مقال تفضح فيه واقعة ادخال غالي الى اسبانيا سرا، بعدها سيقوم موقع 360 بنشر الخبر، وتلحقه مجلة جون أفريك على موقعها الالكتروني.
اغناسيو صامبريرو، نقلا عن موقع ماروك انتلجنس، شدد على أن مصدر المعلومات التي توصلت بها المخابرات المغربية، هو جاسوس للمخابرات المغربية داخل المخابرات الجزائرية، وهو الذي ابلغها بكل العملية، لكن يقلل صامبريرو من هذه الرواية قائلا، أنه حتى لو كانت المخابرات توصلت بالمعلومات من مصدر آخر، فإنه من مصلحة المخابرات المغربية الاشارة إلى خصومه الجزائريين كمصدر للمعلومة.
جدير بالذكر أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج،كانت قد أعلنت يوم أمس الجمعة أن قرار السلطات الإسبانية بعدم إبلاغ نظيرتها المغربية بقدوم زعيم ميليشيات “البوليساريو” هو فعل يقوم على سبق الإصرار، وهو خيار إرادي وقرار سيادي لاسبانيا، أخذ المغرب علما كاملا به.
وأوضحت الوزارة ، في بلاغ، أن “قرار السلطات الإسبانية بعدم إبلاغ نظيرتها المغربية بقدوم زعيم ميليشيات "البوليساريو"، ليس مجرد إغفال بسيط. وإنما هو عمل يقوم على سبق الإصرار، وهو خيار إرادي وقرار سيادي لاسبانيا، أخذ المغرب علما كاملا به. وسيستخلص منه كل التبعات”.
وذكرت الوزارة بأنه منذ أن استقبلت اسبانيا على أراضيها زعيم ميليشيات “البوليساريو”، المتهم بارتكاب جرائم حرب و”انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، ضاعف المسؤولون الإسبان من التصريحات التي تحاول تبرير هذا الفعل الخطير الذي يخالف روح الشراكة وحسن الجوار”.
وبعد أن اعتبرت أن التذرع بالاعتبارات الإنسانية لا يبرر هذا الموقف السلبي، أوضحت الوزارة أن “الاعتبارات الإنسانية لا تبرر المناورات التي يتم القيام بها من وراء شريك وجار”.
وأضافت أنه لا يمكن للاعتبارات الإنسانية أن “تشكل وصفة سحرية يتم منحها بشكل انتقائي لزعيم مليشيات +البوليساريو+ ، في وقت يعيش فيه آلاف الأشخاص في ظل ظروف لا إنسانية في مخيمات تندوف”.
وأشارت الوزارة إلى أنه لا يمكن للاعتبارات الإنسانية أن تشكل ذريعة لتقاعس القضاء الاسباني، بالرغم من توصله بشكاوى موثقة، موضحة أنه “لا يمكن تطبيق القانون والحفاظ على حقوق الضحايا في ظل سياسة الكيل بمكيالين، وازدواجية المعايير”.
كما تابعت أنه لايمكن للاعتبارات الإنسانية أن تشكل تفسيرا للتواطؤ بخصوص عملية انتحال هوية وتزوير جواز سفر بهدف التحايل المتعمد على القانون .
وأبرزت الوزارة أنه لا يمكن للاعتبارات الإنسانية أن تشكل مبررا للتنكر للمطالب المشروعة لضحايا الاغتصاب والتعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبها زعيم ميليشيات “البوليساريو” .
ومن جهة أخرى، أكدت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن “موقف بعض المسؤولين الحكوميين، الذي يتضمن حكما مسبقا على رد الفعل المغربي ويحاول التقليل من التداعيات الخطيرة على العلاقات ، لا يمكن أن يحجب هذا الوضع المؤسف”.
وخلصت إلى أن الحفاظ على الشراكة الثنائية مسؤولية مشتركة يغذيها الالتزام الدائم بالمحافظة على الثقة المتبادلة، واستمرار التعاون المثمر وحماية المصالح الاستراتيجية للبلدين.