شهدت مختلف شوارع المغرب، نهاية الأسبوع الماضي، احتجاجات حاشدة بشوارع المملكة تخليدا للذكرى 11،لانطلاق احتجاجات حركة 20 فبراير وتنديدا بغلاء المعيشة وضرب القدرة الشرائية للمواطنين.
كما ترددت الأسئلة حول الإجراءات التي من الواجب على الحكومة اتخادها لتفادي استمرار الاحتقان الشعبي و امتصاص غضب المغاربة، في هذا الاطار حاورت بلبريس القيادي التجمعي محمد حنين وهذا نص الحوار:
أصدرت منظمة المحامين التجمعيين بيانا استنكاريا ضد الحملة الفايسبوكية في مواجهة الحكومة وبالأخص ضد عزيز أخنوش ، هل يمكنكم بصفتكم عضوا في هذه المنظمة وعضوا بمجلس المستشارين توضيح أهداف هذا البيان و خلفيته ؟
جاء هذا البيان على إثر متابعة أعضاء منظمة المحامين التجمعيين للحملة المخدومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، بعد نقاش داخلي واسع ومسؤول ، استحضر فيه الزملاء المحامين تحديات المرحلة بما تنطوي عليه من إكراهات خارجة عن إرادة الحكومة لارتباطها أساسا بتداعيات جائحة كورونا دوليا وجهويا و وطنيا ، وكذا بالتحولات المناخية وما أدت إليه من شح في التساقطات المطرية ، واستنادا إلى وظائف هذه المنظمة، فإنه إدراكا لأعضائها بمخاطر الحملة المدبرة وما تنطوي عليه من مغالطات وتزييف للحقائق ، أبوا إلا أن يصدروا بيانهم الاستنكاري إلى الرأي العام ، وهي مبادرة تعبر عن النضج السياسي المتجذر لدى كافة الزملاء أعضاء المنظمة وتمسكهم بالحوار والتعبير عن الرأي من داخل المؤسسات .
ألا ترون أن هذا البيان تجنب التطرق إلى ارتفاع الأسعار رغم أن هذا الارتفاع المهول هو المحرك للحملة الموجهة ضد الحكومة ؟
إن التحلي بالموضوعية يفرض على كل شخص يهتم بموضوع حركية الأسعار أن يلتزم في تحليله بمراعاة الأسباب المؤدية إلى ارتفاع الأسعار.
ففي الحالة التي يكون فيها رفع الأسعار بقرار للحكومة فإن هذه الأخيرة ينبغي أن تتحمل مسؤوليتها وتكون ملزمة بتبرير قرارتها بهذا الخصوص، أما إذا كان ارتفاع الأسعار ناتج عن أسباب خارجة عن إرادة الحكومة ، فإنه يكون من الحيف تحميل المسؤولية للحكومة ، كما هو الشأن بالنسبة لحالة ارتفاع الأسعار الحالية، فمن جهة أولى ،لازالت المواد والمنتوجات المحلية تحافظ نسبيا على استقرار أسعارها، ولم ترتفع الأسعار إلا بالنسبة للمواد المستوردة أو التي يتوقف إنتاجها على مواد مستوردة ، ومن جهة ثانية، فإن الثابت من خلال تدبير المحروقات أن ارتفاع أسعارها يرتبط في الأصل بقرار الحكومة السابقة سنة 2012 بإلغاء دعم صندوق المقاصة لأسعار المحروقات واعتماد المقايصة وهو ما أدى إلى توقف الدولة عن دعم هذه المادة بثلاثة دراهم ، أي أن المستهلك أصبح يتحمل أداء ثلاثة دراهم إضافية عن كل لتر من البنزين، وكلنا يعلم أن حزب التجمع الوطني للأحرار كان آنذاك يتموقع في المعارضة ، وأنه من موقعه هذا لم يتوانى في انتقاد القرار الحكومي المذكور، دون تمكنه من جعل الحكومة برئاسة عبد الالاه بنكيران تتراجع عن قرارها ، ولكل من أراد التأكد من ذلك ما عليه سوى الرجوع إلى الوثائق والمداخلات المسجلة والمحفوظة بأرشيف البرلمان وأرشيف الإذاعة والتلفزة ، وكلنا يتذكر الخرجة الإعلامية آنذاك لرئيس الحكومة من خلال القناة الأولى والقناة الثانية والتي دافع فيها باستماتة عن قرار حكومته المتعلق بإلغاء الدعم عن المحروقات مستعملا في ذلك قولته المشهورة " إذا عاش النسر عاش أبناؤه"، وكون حزب التجمع الوطني للأحرار يؤمن بالديمقراطية وبالحوار من داخل المؤسسات فإنه رغم انتقاده الشرس آنذاك للقرار الحكومي، فإنه لم يحرض أي أحد ضد الحكومة ولم يلجأ إلى أساليب التشهير والتبخيس ضد مكوناتها.
وهكذا، فإن قرار إلغاء الدعم عن المحروقات هو المؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات بسبب عدم استقرار سعر البرميل وارتفاعه في السوق الدولية بكيفية غير مسبوقة إلى أكثر من 90 دولار.لذلك أعتقد أن موجة التحامل على الحكومة الحالية بسبب هذا الموضوع لا تستند على أي أساس، بل أن هذه الموجة تستند ظاهريا على تحميل الحكومة مسؤولية قرارات سابقة وهو ما لا يستقيم مع المنطق السليم ، صحيح أنه يتعين على الحكومة ممارسة الرقابة اللازمة للتصدي للمضاربين والمنتهزين للفرص وتجار الأزمات ، أما التحكم في أسعار المحروقات فهو مهمة مستحيلة ما لم تتخلى الحكومة عن نظام المقايصة وحرية الأسعار من خلال الرجوع من جديد الى دعم المحروقات عن طريق صندوق المقاصة ، ومن المؤكد أن هكذا قرار سيكون صعبا ومؤلما بسبب إكراهات المالية العمومية وعجزها عن تحملات جديدة .
لكن كيف تبررون مطالبة رئيس الحكومة بالرحيل في ظرف وجيز من تحمله هذه المسؤولية ؟
أعتقد أن الأصوات التي استهدفت رئيس الحكومة بالاسم ،أصحابها معروفون وطالما روجوا لنفس أساليب الدعاية و التشهير بالرجل منذ أن تقلد مهمة رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار، وأعلن عن نيته في تقوية هذا الحزب وجعله قوة سياسية تتنافس على المراتب الأولى في الانتخابات . وبالفعل تعددت المنابر والمواقع التي تخصصت في الإساءة إليه بأشكال مختلفة ،وصلت إلى حد تنظيم حملة مدبرة لما سمي "بالمقاطعة "،وكون الرجل يؤمن بالجدية في العمل فإن كل تلك المحاولات المغرضة والضربات تحت الحزام لم تجعله يتراجع عن مشروعه بل استمر بكل ثقة و عزم في الاشتغال الدؤوب والمستمر إلى أن حقق الحزب بقيادته المرتبة الأولى في الانتخابات الأخيرة بمختلف أنواعها ، وهي نتيجة أزعجت بدون شك خصوم العمل الجدي وأعداء النجاح ، وأصبحوا ينتظرون أي مناسبة لاسترجاع أنفاسهم الحاقدة وتوجيه أسهمهم من جديد ضد شخص عزيز أخنوش ، لا لشيئ سوى أنه رجل أعمال ناجح وسياسي محنك ورجل جدي وصادق في عوده ومخلص لملكه ولوطنه ،وأن الحكومة التي يترأسها تستمد شرعيتها من سند شعبي واسع نابع من انتخابات حرة وشفافة لم يمر عليها سوى 5 أشهر وهي الإنتخابات التي شهد العالم كله بنزاهتها ومصداقيتها. وليس مستبعدا تعبئة خصوم المغرب لكتائب إلكترونية لتغذية الحملة المدبرة من أجل زعزعة أمن واستقرار بلادنا الذي أصبح يشكل معادلة صعبة لجيراننا الذين لم يستوعبوا الإسثتناء المغربي في هذا المجال وتقدمه بخطى ثابتة حقوقيا واقتصاديا واجتماعيا تحت قيادة صاحب الجلالة نصره الله .
إننا بصفتنا محامين واستنادا إلى قناعتنا بحرية التعبير وبالحوار البناء والملتزم ، فإن إدراكنا لمخاطر استهداف بلادنا ، يفرض علينا التصدي بكل مسؤولية لحملات التشهير والتحريض والاعتداء على حرمة الأشخاص باعتبارها أساليب منبوذة حقوقيا ومجرمة قانونيا ومرفوضة إنسانيا ومفضوحة اجتماعيا، وتبعا لذلك فإن البيان الاستنكاري ما هو سوى رد فعل أولي سيكون له ما بعده نتيجة ليقظة منظمتنا وعدم ترددها في اللجوء إلى القضاء في الوقت المناسب ضد أفعال التحريض والتشهير بأشخاص قيادة الحزب وأعضائه.