عدم تراجع الوباء "R0" تحت عتبة 1 يمهّد لتمديد الحجر الصحي بالبلاد 

د. ميلود بلقاضي

شهدت أيام هذا الأسبوع مؤشرات جد إيجابية على ان استراتيجية المغرب في مواجهة جائحة كورونا في الطريق الصحيح رغم ظهور بعض البؤر الوبائية المقلقة، بعد تسجيل اليوم بكل جهات المملكة، أقل عددا من حيث الإصابات اليومية حيث لم تتجاوز خلال الـ24 ساعة الماضية 45 حالة فقط بالمملكة، ودون تسجيل أي حالة وفاة مع ارتفاع مهم في عدد حالات الشفاء 90 حالة منذ بداية انتشار وباء فيروس "كورونا" المستجد.

ونحن على بُعد اربعة أيام من 20 ماي الجاري، تاريخ نهاية الحجر الصحي الثاني يبدو ان المغرب متوجه نحو تمديد الحجر الصحي. احتمال أشار اليه وزير الداخلية بالبرلمان منذ اكثر من اسبوعين، وشدد عليه وزير الصحة اكثر من أسبوع، وأعاد تأكيده وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، و شدد عليه  لقاء الامس محمد اليوبي، مدير مديرية علم الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة، حينما قال: ‘’ان مؤشر انتشار فيروس "كورونا" (R0) لم يتراجع بعدُ تحت عتبة 1".مضيفا:"ما زلنا نسجل بؤرا وبائية ومن الضروري اتخاذ الحيطة والحذر، خصوصا أن مؤشر انتشار المرض لم ينزل تحت عتبة 1 أو أقل بكثير حتى نتمكن من التحكم أكثر فأكثر من انتشار الوباء".

ويبدو من خلال تصريح اليوبي أن الحكومة تتجه إلى تمديد الحجر الصحي ما بعد 20 ماي، لا سيما أن وزير الصحة سبق أن أكد ضرورة استقرار مؤشر سرعة الفيروس (R0) في أقل من 1 لمدة أسبوعين من أجل رفع الحجر الصحي بالمملكة؛ لكن هذا الأمر غير ممكن اليوم ما دام انه لم يعد يفصلنا عن 20 ماي سوى اربعة أيام.

والاكيد ان توجه الحكومة نحو تمديد الحجر الصحي ناتج عن وعيها بتداعيات ومخاطر الوباء وعلى دراية بدقة المرحلة وخطورتها،خصوصا بعد  تأكيد وزير الداخلية اكثر من اسبوعين بمجلس النواب بلغة لا تحتمل التأويل ان الدولة المغربية لا تتعامل مع جائحة كورونا كأزمة عابرة بل كأزمة بنيوية وأفقية تفرض على المغرب التعامل معها على أساس سيناريوهات متعددة قائلا :"الدولة وضعت جميع السيناريوهات الممكنة لما بعد 20 ماي"، مضيفا ان الدولة:"تشتغل بقوة على هذه السيناريوهات، حسب وضعية انتشار الوباء بالمغرب في الأيام المقبلة".

وهو ما يعني ان تعامل الدولة ومقاربتها الواقعية والاستشرافية لجائحة كورونا يحسمه تطور الوباء،لذى كان وزير الداخلية واضحا امام أعضاء لجنة الداخلية بمجلس النواب للتأكيد على ان وضعية انتشار او انحسار الوباء هو من يحدد استراتيجيات مواجهة الدولة لجائحة كورونا ،مقدما مثالا على ذلك هو ظهور البؤر الوبائية كما سجلت بالدار البيضاء ومراكش والعرائش وورززات حيث نهجت الدولة مقاربة حماية الانسان قبل الاقتصاد .

ظهور هذه البؤر دفعت الخبير في معهد باستور بالدار البيضاء إدريس الحبشي القول:” الوضع الحالي لتطور جائحة كوفيد 19 في المغرب مؤخرا لا يدعو للارتياح”،مشيراً إلى أن هناك تخوفات احترازية بشأن تطور انتشار الفيروس حتى لا تسقط البلاد في انتكاسة وبائية، خصوصا وان الفيروس ينتشر بسرعة كبيرة ،وهوما أشار اليه ايضا سعيد امزازي وزير التربية وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الناطق الرسمي باسم الحكومة في تدوينته.

وهي نفس الفكرة التي رددها خبير معهد باستور بقوله:”المغرب نجح لحد الآن في السيطرة على تطور الوباء ، لكن هذا ليس مبررا كافيا لرفع الحجر الصحي دون تدبر قبلي،لانه يجب استيفاء مجموعة من الشروط الأساسية والعلمية لذلك لتجنب العودة إلى الوراء في مكافحة الوباء منها يجب أن يستقر الوضع الوبائي أولاً و ليس هذا هو الحال الآن حيث مازلنا نواصل في تسجيل 140 إلى 200 حالة جديدة أحيانا كل يوم”.

و مضيفا:’’رفع الحجر الصحي بالمغرب يجب توفر ثلاث شروط أساسية وهي استقرار الوضع الوبائي بتسطيح المنحنى الوبائي وليس منحنى الحالات النشطة ،وتسجيل تراجع واضح ومستقر في حالات الإصابات الجديدة و أخيرا انخفاض مؤشر انتشار الفيروس (R0) إلى أقل من 1 والذي هو الآن يفوق 1،6ببعض المدن”.

ذات المسؤول الطبي قال أنه بمجرد استقرار المنحنى الوبائي وتراجع R0 ، يمكن آنذاك التفكير في رفع الحجر الصحي الشامل.

وعليه، وخوفا من أي انحدار أو انتكاسة، فان المغرب سيتجه نحو تمديد الحجر الصحي تجنبا لأي مخاطرة او مغامرة قد تكلف المغرب الكثير،لذى على المغاربة كما قال وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، الناطق الرسمي باسم الحكومة:’’ يجب على كل المغاربة أن يستوعبوا أن المعركة لم تنته بعد”.

تمديد الحجر الصحي محتمل ووارد، لكنه قد يمكن ان يكون بشروط وبأشكال متعددة حسب الوضعية الوبائية بكل جهة او كل إقليم وبكيفية تدريجية، وعلى الكل ان يقتنع بان هزيمة جائحة كورونا بيد المواطن عبر المزيد من الالتزام بالحجر الصحي والتقيد بالإجراءات الاحترازية والوقائية.