حموني والسنتيسي يكشفان لبلبريس مصير تنسيق المعارضة داخل البرلمان

يستمر الجدل داخل المؤسسة التشريعية حول واقع المعارضة البرلمانية، وحدود انسجام مكوناتها في مواجهة الأغلبية الحكومية، فبين من يعتبرها مشتتة وضعيفة التأثير، ومن يرى أن تعددها يعكس غنى التجربة السياسية المغربية، يظل السؤال مطروحا حول مدى قدرة المعارضة على أداء أدوارها الدستورية في الرقابة والتقويم والتوازن داخل البرلمان.

ويرى متتبعون أن هذا الجدل يغذيه اختلال التوازن العددي والسياسي الناتج عن تحالف الأحزاب الثلاثة الكبرى في الحكومة، مما جعل المعارضة محدودة في العدد، ومتعددة المرجعيات.

وفي المقابل، ترفض مكونات المعارضة اختزال هذا التنوع في صورة “الانقسام”، معتبرة أن الاختلاف جزء من الحيوية الديمقراطية، وأن التنسيق بينها يتم وفق القضايا والمواقف، لا وفق الانتماء الإيديولوجي أو الحسابات الحزبية الضيقة.

حموني: “عدم انسجام المعارضة أمر طبيعي ولا يُفقدها دورها الرقابي”:

في هذا السياق، قال رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، في تصريح خص به بلبريس، إن الحديث عن غياب الانسجام بين مكونات المعارضة لا يجب أن يُفهم باعتباره خللا أو ضعفا، بل هو وضع طبيعي يطبع التجارب الديمقراطية عبر العالم.

وأوضح حموني أن “في جميع الديمقراطيات، المعارضة لا تكون مطالبة بالانسجام الكامل، ولا تملك برنامجا سياسيا موحدا، لأنها ليست حكومة ظل، بل تمثل تيارات فكرية وسياسية مختلفة تتقاطع فقط في المواقف التي تجمعها، خصوصا في مراقبة الأداء الحكومي وانتقاد السياسات العامة”.

 

رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب: رشيد حموني

وأضاف المتحدث أن التنسيق داخل المعارضة “يتم في حدود ما يمكن التنسيق فيه، سواء في التصويت أو في بعض مشاريع القوانين والمواقف، بينما توجد قضايا يصعب فيها الاتفاق بسبب اختلاف المرجعيات السياسية والفكرية لكل حزب”.

وأشار حموني إلى أن “من الطبيعي ألا يكون هناك انسجام تام، فمثلا إذا طرحت مدونة الأسرة، هل يمكن أن ينسجم حزب التقدم والاشتراكية مع حزب العدالة والتنمية في الموقف نفسه؟ بالعكس، قد نتقاطع أكثر مع حزب الأصالة والمعاصرة في بعض الملفات، بحسب ما تقتضيه القناعات والمرجعيات”.

كما أوضح المتحدث أن التنسيق سيستمر بنفس المنهجية خلال ما تبقى من الولاية التشريعية، قائلا: “يتم الاتفاق أحيانا في التصويت، خصوصا في مشروع قانون المالية، رغم أن كل فريق يأتي بتعديلاته الخاصة، وقد نصوت أحيانا لفائدة تعديلات الفرق الأخرى، أو نذهب نحو الامتناع حسب المصلحة”.

وفي ما يتعلق بالقوانين المقبلة مثل القوانين الانتخابية، شدد حموني على أن “كل فريق سيعبّر عن قناعته بحرية تامة”، مؤكداً أن “قوة المعارضة في هذه الولاية ضعيفة عدديا لأول مرة في تاريخ البرلمان، لأن الأحزاب الثلاثة الكبرى شكلت الحكومة معا، وهو ما جعل المعارضة محدودة في العدد وغير قادرة على تفعيل العديد من آليات الرقابة التي يخولها الدستور”.

واعتبر رئيس فريق التقدم والاشتراكية أن “الخلل وقع منذ البداية، حين اختارت الأحزاب الثلاثة الأولى في انتخابات 2021 تشكيل الحكومة مجتمعة، وهو ما أخل بالتوازن السياسي داخل المؤسسة التشريعية، لأن المنطق كان يقتضي أن يذهب الحزب الثاني أو الثالث إلى المعارضة ليضمن البرلمان التوازن المطلوب بين مكوناته”.

وختم حموني تصريحه قائلا: “نحن اليوم، أمام وضعية غريبة، إذ يُطرح السؤال: من هو البديل لرئاسة الحكومة في حال التغيير؟ هذا ما يجعل المشهد السياسي غير متوازن، ويضعف الدور الدستوري للمعارضة في الرقابة والتقويم”.

السنتيسي: الأغلبية تسعى لتغذية صورة زائفة عن انقسام المعارضة: 

من جانبه، أكد رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، أن المعارضة تضم تيارات مختلفة من حيث المرجعيات الفكرية والسياسية، وهو أمر طبيعي في التجارب الديمقراطية الحديثة، مشددا على أن “الاختلاف لا يعني غياب الانسجام العملي”.

وأوضح السنتيسي أن “المعارضة بطبيعتها تتكون من اليمين والوسط وتيارات ذات خلفيات ثقافية وتاريخية متعددة، لكنها تشتغل بروح التشاور والاحترام المتبادل، وتُنسّق في ما يمكن التنسيق فيه”.

رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب: ادريس السنتيسي

وأضاف: “خلال السنوات الأولى من هذه الولاية، بادرنا إلى خلق آلية للتنسيق بين مكونات المعارضة، وكنتُ شخصيا صاحب فكرة تعيين منسق، غير أن التجربة أظهرت صعوبة تقديم تعديلات مشتركة بسبب اختلاف المقاربات، فهناك من يقبلها وهناك من يفضل صياغتها بطريقة مختلفة”.

وأشار قائلا إلى أن: “حتى في قانون المالية، رغم أننا قد نتقاطع أحيانا” في التعديلات نفسها، إلا أن كل فريق يفضل تقديمها بطريقته الخاصة، وهو أمر لا يخلق أي خلاف جوهري، لأن الهدف واحد، وهو الدفاع عن مواقف المعارضة”.

وأردف السنتيسي قائلاً: “غالبا في ما يخص التصويت، لا نواجه أي مشكل، ويتم التنسيق بشكل عفوي ومنسجم، لكن الأغلبية تحاول أحيانا أن تروج لصورة المعارضة كمنقسمة، في حين أن الواقع يظهر انسجاما في الجوهر والهدف، وإن اختلفت الأساليب والمرجعيات”.

وختم رئيس الفريق الحركي بالقول إن “المعارضة غير مطالبة بأن تكون كتلة واحدة أو أن تتبنى خطابا موحدا، بل أن تؤدي دورها في الرقابة والنقد البناء، وهذا ما نحرص عليه داخل البرلمان رغم الصعوبات العددية والسياسية”.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *