في سياق وطني مطبوع بتداعيات الفيضانات وموجات البرد القارس، جدد حزب الحركة الشعبية تضامنه مع ضحايا فيضانات آسفي وتنغير وفاجعة العمران بفاس، ومع ساكنة الجبال والقرى المعزولة التي تواجه قساوة الثلوج والصقيع، داعيًا الحكومة إلى مراجعة وتقويم سياساتها العمومية بما ينسجم مع التوجيه الملكي الاستراتيجي الرامي إلى الحد من مظاهر “مغرب السرعتين”.
وأوضح الحزب، في بلاغ صادر عن اجتماع مكتبه السياسي يحمل توقيع محمد أوزين الأمين العام للحزب، توصلت بلبريس بنسخة منه، أن الحركة الشعبية وهي تجدد امتنانها وعرفانها الموصولين لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله على رعايته السامية لساكنة القرى والجبال، تدعو الحكومة إلى التنزيل الأمثل للبرنامج الملكي لإعادة تأهيل المناطق المتضررة. وحمّل البلاغ المسؤولية السياسية للحكومة، بأحزابها الثلاثة، بسبب ما اعتبره تماطلًا في ممارسة اختصاصاتها الدستورية، وعجزًا عن بلورة مبادرات ملموسة وتدابير ناجعة تترجم التضامن الوطني في مثل هذه الظروف الصعبة والخطيرة.
وبالموازاة مع ذلك، انتقد الحزب ما وصفه بتهافت وزراء الأغلبية نحو جهات المملكة بحثًا عن أصوات انتخابية، في وقت يغيبون فيه عن الميدان خلال الأزمات، معتبرًا أن الحكومة تفتقد لرؤية تنموية وسياسية قادرة على تقديم بدائل حقيقية للحد من التفاوتات المجالية والاجتماعية. وسجل البلاغ أن اختياراتها المالية والقانونية والاستثمارية تكرّس، في عمقها، اختلالات التوازن الجهوي والمجالي، وتشرعن لتضارب المصالح والريع والخوصصة المقنّعة تحت مسمى “التمويلات المبتكرة”، فضلًا عن سياسات قطاعية لم تُنتج سوى الاحتقان الاجتماعي والمجالي.
وفي الإطار نفسه، عبّر الحزب عن استغرابه الشديد من التماطل الحكومي غير المبرر في إخراج قوانين الجبل وتنمية الواحات، وإحداث وكالة لتنمية المناطق الحدودية، رغم تقديمه مقترحات قوانين متكاملة بشأنها داخل البرلمان منذ سنوات، دون أي تفاعل جدي من الحكومة، بالرغم من صدور التوجيه الملكي في هذا المحور الاستراتيجي. وسجّل أن مقاربة الحكومة للتنمية الترابية المندمجة لا تساير، لا في عمقها ولا في تنزيلها، التوجيه الملكي الداعي إلى الانتقال من المقاربات التقليدية إلى حكامة ترابية تقوم على تنمية الإنسان والمجال، وهو ما يتجلى، حسب البلاغ، في التردد في تسريع وتيرة الجهوية المتقدمة وفي غياب مخطط وطني مندمج للتنمية القروية والجبلية.
وعلى المستوى الحقوقي والإعلامي، أكد الحزب رفضه لمشروع القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة، ولمقاربة الحكومة الانفرادية في إعداد مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة، داعيًا إلى تقويم المنهجية المعتمدة في تنزيل الإصلاحات ذات الحساسية المجتمعية. كما طالب بإحالة مشروع قانون الصحافة على المحكمة الدستورية، نظرًا لارتباطه بحماية الحقوق والحريات وضمان حقوق الجسم الصحفي ومكونات المجتمع.
كما دعا الحزب إلى اعتماد المقاربة التشاركية وفتح حوار مجتمعي موسع بخصوص مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة، تفاديًا لخلق أزمات مهنية ومجتمعية، منبهًا، في موضوع ذي صلة، إلى خطورة تدبير ملف التقاعد بمقاربة انفرادية وخلف أبواب مغلقة، في موضوع مصيري يهم المجتمع بأكمله.
وفي المقابل، أكد حزب الحركة الشعبية انخراطه الثابت في الدفاع عن مغربية الصحراء، مثمنًا مساهمة مختلف هياكل الحزب ومنظماته وأطره في هذا الورش الوطني، عبر مبادرات ومذكرات نوعية تعزز أفق الوحدة الوطنية. وخلص البلاغ بتوجيه التحية لكافة الحركيات والحركيين، على تعبئتهم المتواصلة وحرصهم على ترسيخ الوحدة الحركية والانخراط الجماعي في تنزيل البديل الحركي بأبعاده التنظيمية والسياسية والانتخابية.