في سابقة إعلامية لافتة، تساءلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” عمّا إذا كانت الجزائر قد قبلت فعليًا بمغربية الصحراء، أم أنها رضخت لضغوط أمريكية أثناء التصويت على القرار الذي تبناه مجلس الأمن، مساء الجمعة، والقاضي بدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية كحلٍّ واقعي وأساس لأي مفاوضات مستقبلية.
وفي قصاصة بثّتها الوكالة الإيرانية، التي تعكس عادة الخطاب الرسمي لطهران، تطرقت “إرنا” إلى الموقف الجزائري المثير للجدل، بعد أن اختارت الجزائر عدم المشاركة في التصويت على المشروع الأمريكي الداعم للمغرب، متسائلة عن خلفيات هذا الموقف غير المسبوق، خصوصًا وأن الجزائر لم تطلب من “حليفها الاستراتيجي” روسيا استعمال حق النقض (الفيتو) لإسقاط القرار.
وطرحت الوكالة في تقريرها عدة احتمالات، من بينها احتمال أن تكون الجزائر تجنبت المواجهة مع واشنطن خشية الضغط الأمريكي، أو أنها تلقت في المقابل امتيازات اقتصادية أو استثمارية مقابل عدم معارضة القرار، معتبرة أن غيابها عن التصويت قد يحمل في طياته قبولًا ضمنيًا بالأمر الواقع الجديد الذي تكرّسه الدبلوماسية المغربية في مجلس الأمن منذ سنوات.
وفي تعليقها على الموقف الروسي، ذكرت “إرنا” أن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة وصف القرار المؤيد للمغرب بـ”غير المتوازن”، لكنه رغم ذلك امتنع عن استعمال الفيتو، في خطوة فسّرها التقرير بأنها تعبير عن الحذر الروسي في التعامل مع ملف تحظى فيه الولايات المتحدة وفرنسا بإجماع واسع.
أما مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، فقد علّق على القرار بقوله إنه “غير متوازن” و”يعاني من شوائب ونواقص”، لكنه أقر في المقابل بأن الجزائر فضّلت الغياب عن التصويت كخيار يعكس “مسافة محسوبة” من نص القرار.
الوكالة الإيرانية نقلت أيضًا مضامين القرار الأممي، الذي صوّت لصالحه 11 عضوًا من أصل 15، من بينهم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، بينما امتنعت ثلاث دول عن التصويت، هي روسيا والصين وباكستان، في حين اختارت الجزائر للمرة الثانية على التوالي سياسة “الكرسي الفارغ”، ما عُدّ على نطاق واسع تراجعًا دبلوماسيًا عن نهج المواجهة المباشرة داخل أروقة مجلس الأمن.
ويُشار إلى أن مجلس الأمن، من خلال هذا القرار، مدّد ولاية بعثة المينورسو لعام إضافي، وأعاد التأكيد على أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تظل الإطار الواقعي والوحيد القابل للتطبيق لتسوية النزاع، وهي صيغة باتت تحظى بدعم متزايد من القوى الدولية، رغم التحفظات التقليدية لعدد من الدول الحليفة للجزائر.