تسببت واقعة استدعاء أحد مشرفي سيرفر النقاش الشبابي genz212 من طرف الشرطة، في موجة تضامن واسعة داخل الأوساط الرقمية والسياسية، فقد أكد المشرفون أن زميلهم تعرض للمساءلة في منزله حول أسئلة شخصية، وهو ما دفع ستة أعضاء آخرين من الإدارة إلى الانسحاب وتوقيف مشاركتهم، رغم تأكيدهم أن الفضاء لم يقم بأي خرق للقانون.
وأوضحت إدارة السيرفر أن الغاية من إنشائه هي إتاحة مساحة نقاش حر ومسؤول حول قضايا تهم المجتمع، من قبيل الصحة والتعليم ومحاربة الفساد، بعيدا عن أي تحريض على العنف أو دعوات للفوضى، كما شددت على أن المشرفين مغاربة يعتزون بوطنهم وملكهم، وأن نشاطهم يظل سلميا ومدنيا وفي إطار ما يتيحه الدستور من حرية التعبير.
وأعلنت الإدارة أن التضييق على المشرفين ومحاولات الترهيب لن توقف هذا النقاش المجتمعي، بل تعكس الحاجة إلى حوار وطني شفاف ومسؤول، مؤكدة استمرار السيرفر في أداء دوره كمنبر رقمي للتوعية والنقاش البناء. وحذرت من أن مثل هذه الممارسات قد تعمّق فجوة الثقة بين الشباب والمؤسسات.
وعلى وقع هذه التطورات، دخلت فيدرالية اليسار الديمقراطي على خط القضية، حيث أصدرت بيانا أعلنت فيه دعمها لمطالب الشباب وتحذيرها من المقاربة الأمنية في التعامل مع الاحتجاجات والدعوات للوقفات السلمية المزمع تنظيمها يومي 27 و28 شتنبر.
وأبرزت الفيدرالية في بيانها الصادر من الدار البيضاء بتاريخ 26 شتنبر 2025، أن ما تعيشه البلاد من حالة احتقان شعبي يتجسد في الاحتجاجات والدعوات المتزايدة إلى التظاهر السلمي، يعكس أزمة ثقة حقيقية بين الدولة والمجتمع، خصوصا فئة الشباب، كما أدانت ما اعتبرته “أساليب ترهيب وقمع واعتقالات” تطال المشاركين في هذه التعبيرات السلمية، معتبرة أن ذلك يتنافى مع مقتضيات الدستور وروح القانون، التي تكفل الحق في التنظيم والتظاهر.
وأكدت الفيدرالية أن المطالب التي يرفعها الشباب اليوم، من قبيل تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز العدالة والمساواة، تمثل امتدادا طبيعيا لمسار نضالي طويل للشعب المغربي وقواه الديمقراطية، معتبرة أن انخراط الجيل الجديد في هذه المطالب مؤشر إيجابي على حيوية المجتمع ورغبته في التغيير وبناء مستقبل أفضل، وهو ما يجب أن يُقابل، حسب البيان، بالإنصات والحوار بدل القمع والتخويف.
وحذرت الفيدرالية من أن أي مقاربة أمنية في مواجهة هذه التحركات الشعبية قد تجر البلاد إلى دوامة من التوتر وعدم الاستقرار، ستكون عواقبها وخيمة على الوطن ومؤسساته، كما واعتبرت أن المدخل الحقيقي لمعالجة الأزمة يكمن في فتح حوار جاد ومسؤول مع الفئات المحتجة، والاستجابة للأسباب الموضوعية التي تقف خلف هذا الاحتقان، من أجل استعادة الثقة وإعادة الاعتبار لقيمة المشاركة السياسية والمدنية.
وجددت الفيدرالية التزامها بمواصلة النضال الديمقراطي والاجتماعي إلى جانب باقي القوى الوطنية، مؤكدة أنها ستظل في طليعة المدافعين عن المطالب المشروعة، سواء كانت فئوية أو مجالية، انسجاما مع قناعتها بأن التغيير الحقيقي لا يأتي إلا من الإرادة الشعبية. وختمت بيانها بالتأكيد على أن المغرب الذي يطمح له شباب اليوم هو “مغرب يتسع للجميع، قائم على الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية”.