زيارة زوما تعيد صياغة خطاب الصحراء في جنوب إفريقيا(دراسة)

أفاد مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، في دراسة تحليلية، أن زيارة الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما إلى المغرب في يوليوز 2025 لم تكن مجرد حدث بروتوكولي عابر، بل تحولت إلى محطة سياسية وإعلامية بارزة داخل جنوب إفريقيا، إذ أعادت ملف الصحراء المغربية إلى واجهة النقاش العمومي بعدما ظل حبيس النخب السياسية والدبلوماسية.

وأوضحت الدراسة أن الزيارة أثارت جدلا واسعا على المستويين الإعلامي والسياسي، حيث تم تسجيل أزيد من 2200 منشور على منصة “إكس” إلى جانب 20 مقالا في الصحافة الجنوب إفريقية، وتمحورت ذروة التفاعل حول صورتين أساسيتين: ظهور زوما في الرباط إلى جانب العلم الجنوب إفريقي، ثم الرد الرسمي الصادر عن وزارة العلاقات الدولية والتعاون.

وأضافت أن هذا الجدل لم يكن تلقائيا، بل غذّاه عدد محدود من المؤثرين ووسائل الإعلام الذين لعبوا دورا أساسيا في توجيه النقاش، وهو ما أضفى عليه طابعا استقطابيا بين معسكر مؤيد وآخر رافض.

وداخل الساحة السياسية، تبنى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي وحزب المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية خطابا مناوئا للمغرب، في حين اصطف حزب “MK” بقيادة زوما إلى جانب الوحدة الترابية للمملكة، مستندا إلى مفاهيم محلية راسخة مثل الوحدة الوطنية ومناهضة الانفصال.

واعتبر المصدر أن التحول الأبرز يتمثل في انتقال الخطاب من كونه قضية “تصفية استعمار” إلى تقديمه كمسألة “وحدة وطنية”، وهو تحول خفّض الكلفة السياسية للمواقف غير المعادية للمغرب داخل الساحة الجنوب إفريقية.

كما بيّن أن موازين القوى داخل البرلمان تغيرت بشكل لافت، حيث لم يعد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي قادرا على فرض هيمنته المطلقة، مما أتاح بروز معسكر “غير معادٍ” يضم أحزابا محايدة أو داعمة للمغرب، وجعل المؤسسة التشريعية ساحة لتوازنات جديدة حول هذا الملف.

وسجلت الدراسة أن السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا لم تعد حكرا على الجهاز التنفيذي كما في السابق، بل أصبحت موضوعا مفتوحا للتجاذب بين الأحزاب ووسائل الإعلام والرأي العام، وهو ما عكسته تداعيات زيارة زوما. كما أظهرت أن الإعلام لعب دورا محوريا في إضفاء الشرعية على القراءات المختلفة، بما ساهم في تخفيض تكلفة تبني مواقف مؤيدة أو محايدة تجاه المغرب.

وختم المركز بالتأكيد على أن ما حدث لا يمثل تحولا فوريا في السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا، لكنه يعكس تغييرا “من الدرجة الثانية”، يتمثل في تعدد مراكز الشرعية وتراجع الهيمنة المطلقة للخطاب الرسمي المناهض للمغرب.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *