بوخصاص: مشروع مجلس الصحافة انحراف خطير يهدد الاستقلالية

قال محمد كريم بوخصاص، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، إن مشروع القانون الجديد المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة يمثل “انحرافا خطيرا” عن روح التنظيم الذاتي، ويمس بمبدأ التوازن بين مكونات المهنة، بل ويهدد مستقبل المجلس كهيئة مستقلة لحماية حرية الصحافة وأخلاقياتها.

وأوضح بوخصاص في بودكاست “بصيغة أخرى” الذي يديره الإعلامي حمزة الفاضلي، أن الصيغة التي جاء بها المشروع تشكل تراجعا عن المكتسبات التي تحققت عند تأسيس المجلس سنة 2018، حين تم اعتماد مبدأ الانتخابات بين الصحفيين والناشرين على قدم المساواة، بما يضمن توازنا في التمثيلية، غير أن المشروع الجديد، وفقا.له، يحافظ على انتخاب الصحفيين، بينما يُلغي انتخاب الناشرين لصالح تعيينهم، مع إضافة ما سماه “فئة الناشرين الحكماء”، بما يمنح هذه الفئة أغلبية عددية داخل المجلس.

وأشار إلى أن هذا التوجه “يضرب مبدأ الشراكة في التنظيم الذاتي” ويحصر المجلس في كونه ذراعا مؤسساتيا للناشرين، بدلا من أن يكون إطارا جامعا للمهنة برمتها.

كما ذكر كريم بوخصاص، بأن المعايير الدولية، خاصة التجارب الأوروبية، تشترط التوازن بين الصحفيين والناشرين، بل وتوصي بإشراك ممثلين عن الجمهور والمجتمع المدني لضمان رقابة شعبية على العمل الإعلامي.

ولفت بوخصاص الانتباه إلى أن المشروع يشترط على ممثلي الناشرين استيفاء معيار رقم المعاملات السنوي، وهو ما وصفه بـ”المعيار الغريب”، حيث شدد على ان قوة المؤسسة الصحافية تقاس بالانتشار والمقروئية والتأثير وليس رقم معاملاتها، معتبرا أن هذا الشرط يخدم المؤسسات الكبرى التي قد تكون، رغم قوتها المالية، أكثر عرضة للانحياز السياسي أو خرق أخلاقيات المهنة، مما يعزز تركيز السلطة الإعلامية ويضعف التنوع والتعددية.

وأضاف كريم بوخصاص، أن المجلس الوطني للصحافة انتهت ولايته الأولى في أكتوبر 2022، ومنذ ذلك الحين يعيش حالة “شلل مؤسساتي” بعد التمديد له، ثم إحداث لجنة مؤقتة لتدبير شؤونه، في غياب انتخابات جديدة أو مشاورات واسعة مع الفاعلين المهنيين.

وانتقد أستاذ الإعلام بجامعة مولاي إسماعيل، تمرير الحكومة للمشروع الجديد في هذه الظروف، دون فتح نقاش عمومي موسع أو إشراك حقيقي للنقابات والهيئات الصحفية، معتبراً ذلك مخالفاً لطبيعة المجلس كهيئة يفترض أن تعكس إرادة المهنة لا السلطة التنفيذية.

وأكد بوخصاص أن تغليب طرف على آخر داخل المجلس سيضعف دوره كهيئة للتنظيم الذاتي، ويحوله إلى أداة للتحكم في الصحفيين، وهو ما سينعكس سلباً على حرية التعبير وجودة الممارسة الإعلامية.

وشدد بوخصاص على أن نجاح المجلس رهين بتحقيق توازن مؤسساتي يضمن المساواة بين الصحفيين والناشرين، وإدماج ممثلين عن الجمهور، لحماية المهنة من الاحتكار أو التوجيه السياسي.

وختم بالتأكيد على أن تطوير تجربة المجلس الوطني للصحافة في المغرب يتطلب إصلاحا شاملا يركز على الاستقلالية والشفافية والتوازن، بدلا من تعديلات جزئية تخدم فئة محددة على حساب روح التنظيم الذاتي.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *