دعوة الملك بشأن الصحراء تُرْبِك البوليساريو

في رد يكشف عن تمسكها بأطروحات متجاوزة، تفاعلت جبهة البوليساريو مع اليد الممدودة التي عبر عنها الملك محمد السادس في خطاب عيد العرش، الداعية إلى حل توافقي وواقعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، لا غالب فيه ولا مغلوب ويحفظ ماء وجه جميع الأطراف.

ففي بلاغ صادر من بئر لحلو، اعتبرت الجبهة الانفصالية أن “الحل التوافقي” قد تم التوصل إليه بالفعل عام 1991، في إشارة إلى مخطط التسوية الأممي القائم على الاستفتاء. وتجاهلت الجبهة بذلك أن خيار الاستفتاء قد ثبتت استحالة تطبيقه على مدى عقود، وهو ما دفع المجتمع الدولي ومجلس الأمن نفسه إلى اعتباره خيارا غير واقعي، والتوجه نحو دعم حل سياسي واقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق.

ورغم أن البلاغ تحدث عن استعداد للتفاوض “بدون شروط مسبقة”، إلا أنه يناقض نفسه بتأكيده على أن الحل الوحيد هو الذي يضمن ما يسميه “حق تقرير المصير والاستقلال”، وهو ما يفرغ دعوة التفاوض من أي جدية ويضع شروطا مسبقة ترفضها قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى الواقعية وروح التوافق.

ويأتي هذا الرد المتصلب من الجبهة الانفصالية في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول استقلالية قرارها، خاصة وأنها تتخذ من الجزائر مقرا لها، وهي الدولة التي تحتضنها وتؤشر على تعيين قادتها، وقد أقرت مؤخرا على لسان رئيسها بأنها تصرف عليها المليارات.

هذا الواقع يطرح سؤالا جوهريا حول ما إذا كان هذا الرفض للغة العقل والواقعية يعبر فعلا عن إرادة سكان المخيمات، أم أنه مجرد صدى لموقف جزائري رافض لأي حل من شأنه إنهاء النزاع وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

وبينما تتمسك البوليساريو برهانات خاسرة، يواصل المغرب حصد الدعم الدولي الواسع لمبادرته للحكم الذاتي، التي وصفتها القوى الكبرى والمؤثرة، من الولايات المتحدة إلى إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، بأنها الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لطي هذا الملف بشكل نهائي، بما يضمن للمنطقة المغاربية التفرغ للتنمية والتكامل والرفاهية التي دعت إليها الجبهة في ختام بيانها، متناسية أنها العقبة الرئيسية أمام تحقيقها.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *