يجد حزب العدالة والتنمية نفسه أمام تحدٍ مالي قد يلقي بظلاله على هذا الحدث التنظيمي الهام. ففي خطوة تعكس قلقاً متزايداً، عاد الأمين العام للحزب، عبد الإله ابن كيران، ليجدد نداءه لأعضاء الحزب والمتعاطفين معه للمساهمة المالية، في محاولة لسد فجوة التمويل التي سببها تأخر صرف الدعم الحكومي.
عبر فيديو على صفحته الرسمية بفيسبوك مساء الأربعاء 23 أبريل 2025، كشف ابن كيران بصراحته المعهودة أن وزارة الداخلية لم تُفرج بعد عن الميزانية المخصصة لدعم مؤتمر “المصباح”، مبلغ ليس بالهين، يُقدر بـ 130 مليون سنتيم، كما أكد بنفسه.
“وزارة الداخلية لم تفرج عن تمويل المؤتمر، ولذلك سنعتمد على إمكانياتنا الذاتية”، بهذه الكلمات لخص ابن كيران الموقف، مضيفاً لمسة من الواقعية العملية بالإشارة إلى أن باب التبرعات سيظل مفتوحاً حتى بعد اختتام أعمال المؤتمر، فـ”بعض الفواتير ستتم تسويتها في آجال لاحقة”، كما قال.
ويبدو أن القاعدة الحزبية والمتعاطفين قد لبوا النداء الأول؛ حيث أوضح ابن كيران أن عدداً من الأعضاء بادروا بالتبرع بمبالغ تراوحت بين 50 درهماً وصولاً إلى مساهمات سخية بلغت 50 ألف درهم، مما يعكس تفاعلاً مع وضع الحزب.
هذه الشكوى ليست وليدة اللحظة. فقبل أسبوع واحد فقط، خلال ندوة صحافية بالرباط يوم الأربعاء 16 أبريل، كان ابن كيران قد دق ناقوس الخطر بالفعل، معرباً عن استغرابه من صمت وزارة الداخلية رغم المراسلات المتكررة. “لم نتلق لحدود اللحظة أي شيء”، قالها رئيس الحكومة السابق بنبرة قلقة، مجدداً النداء للمسؤولين بـ”أم الوزارات” للإسراع بصرف الدعم قبل فوات الأوان، حيث لم يكن يفصلهم عن المؤتمر سوى 10 أيام حينها.
وشرح ابن كيران أن القانون التنظيمي للأحزاب يمنح الحزب الحق في الحصول على دعم يعادل نصف ميزانيته السنوية لتمويل مؤتمراته الوطنية. وفي حالة “العدالة والتنمية”، الذي يستفيد حالياً من حوالي 260 مليون سنتيم سنوياً (بعد أن كان يحصل على ما يقارب 1.5 مليار سنتيم في فترات سابقة)، فإن المبلغ المستحق هو 130 مليون سنتيم. “يجب على وزارة الداخلية أن تصرف لنا هذا المبلغ”، أكد ابن كيران بإصرار.
لكن يبدو أن الحزب يستعد للسيناريو الأصعب. فالميزانية التقديرية للمؤتمر، كما كشف ابن كيران، تناهز 350 مليون سنتيم، وحتى مع إطلاق حملة تبرعات داخلية وفتح حساب بنكي مخصص، فإن المبلغ المحصّل حتى الآن بالكاد تجاوز 30 مليون سنتيم ، مما يعني أن الفجوة لا تزال كبيرة وتقدر بـ 320 مليون سنتيم.
وفي محاولة لـ”شد الحزام”، لجأت اللجنة التحضيرية إلى إجراءات تقشفية، أبرزها إلغاء تعويضات مصاريف النقل للمؤتمرين القادمين من مختلف جهات المملكة، تاركة تدبير هذه المسألة للمسؤولين الجهويين.
وفي لفتة أخيرة تعكس ربما واقع الحزب الحالي، أشار ابن كيران إلى أن الدعوات للمؤتمر وُجهت فقط للأعضاء الذين سددوا واجبات انخراطهم السنوية، مقراً بأن عدد أعضاء الحزب النشطين يبلغ حالياً حوالي 20 ألف عضو، بعد أن كان يقارب ضعف هذا العدد في سنوات سابقة.