جلالة الملك ينتصر للأسرة والمجتمع ويقر إصلاحات عميقة لمدونة الأسرة

في إطار حرصه المتواصل على تعزيز دعائم الدولة المغربية وضمان رفاهية جميع شرائح المجتمع، أطلق جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، مشروعا إصلاحيا بالغ الأهمية، يتمثل في مراجعة مدونة الأسرة. هذا الإصلاح، الذي تم تدشينه من خلال الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة المتعلقة بإعادة النظر في مدونة الأسرة، يعكس عناية ملكية سامية بالأسرة المغربية، التي تعتبر النواة الأساسية لبناء مجتمع متين ومتوازن.

وتعد مراجعة مدونة الأسرة من أولويات جلالة الملك، نصره الله، وهو ما يظهر جليا من خلال متابعته الحثيثة لكل مراحل هذه العملية المعقدة. هذا الإصلاح لا يقتصر فقط على تحديث القوانين، بل يتعداه إلى إعادة صياغة علاقة الأسرة بالمجتمع من خلال إطار قانوني يضمن الاستقرار الأسري ويعزز الحقوق والحريات الأساسية. لقد عكف جلالته على إنجاز هذه المراجعة عبر مسار تشاوري طويل استمر لعدة أشهر، تم فيه الاستماع إلى جميع الأطراف المعنية، من فقهاء ومختصين وقادة رأي.

وفي كل خطوة من هذه العملية، كان جلالة الملك، نصره الله، يولي اهتماما بالغا بأن تكون مدونة الأسرة الجديدة متوافقة مع تطلعات العصر ومتطلباته، وفي نفس الوقت تحافظ على التوازن بين مبادئ الشريعة الإسلامية والقيم العالمية المتعارف عليها.

ومن أبرز السمات التي تميز هذا الإصلاح هو الطابع التشاركي الذي ميز عملية المراجعة. فقد حرص جلالة الملك، نصره الله، على أن تشمل هذه المراجعة جميع الفاعلين، سواء كانوا حقوقيين أو رجال دين أو أكاديميين، لتكون هذه العملية شاملة ومتعددة الأبعاد. ومن خلال هذا الحوار الموسع، تم صياغة المقترحات التي تم عرضها على جلالته، التي تمثل رؤية متكاملة تهدف إلى تحديث القوانين بما يتماشى مع القيم الاجتماعية والأخلاقية للمجتمع المغربي.

وفي سياق هذا الإصلاح، قام جلالة الملك، حفظه الله،بإحالة بعض القضايا المتعلقة بالنصوص الدينية إلى المجلس العلمي الأعلى، ليتم مناقشتها بعمق، وهو ما يعكس احتراما كاملا للمقاصد الشرعية والفقهية التي تهم الأسرة. وهذا ما يضمن أن يكون الإصلاح متوازنًا ويحترم الهوية الدينية للمغاربة.

حري بالإشارة في هذا الصدد إلى إن الإصلاح المرتقب في مدونة الأسرة ليس مجرد تعديل قانوني بل هو أيضا خطوة هامة نحو ضمان حماية الحقوق الأساسية لجميع أفراد الأسرة. وقد ركز جلالة الملك، نصره الله، على أهمية ضمان حقوق المرأة والطفل، وتعزيز مكانة الأسرة باعتبارها الخلية الأولى التي يقوم عليها المجتمع. وهذه التعديلات تهدف إلى حماية الأسرة المغربية من الضغوطات المتزايدة التي قد تواجهها في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة.

كما حرص جلالته على ضمان أن يكون هذا الإصلاح في خدمة المساواة بين الجنسين داخل الأسرة، بما يضمن حقوق المرأة في جميع الميادين، ويحمي حقوق الطفل من أي نوع من أنواع الاستغلال أو الإهمال. وقد تم التأكيد على ضرورة أن يشمل هذا الإصلاح جميع الجوانب الحياتية للأسرة من قوانين الحضانة والنفقة والطلاق، بما يحقق العدالة والمساواة.

وفي خطوة حكيمة تعكس رؤية جلالة الملك، نصره الله،المستقبلية، تم التأكيد على أهمية استمرار الاجتهاد الفقهي في معالجة القضايا المتعلقة بالأسرة. فقد دعا جلالته إلى إنشاء إطار مؤسسي ضمن المجلس العلمي الأعلى لمواصلة التفكير الفقهي في القضايا الجديدة التي قد تطرأ على الحياة الأسرية. هذه المبادرة تشير إلى الرغبة الملكية في ضمان أن يكون الاجتهاد الفقهي حيا ومتجددا، بما يواكب التطورات الاجتماعية والشرعية، ويخدم مصلحة الأسرة المغربية في كل زمان ومكان.

إن هذا الإجراء يعكس أيضا التفرد المغربي في التعامل مع القضايا الشرعية، بحيث لا يقتصر الاجتهاد على فترات معينة بل يصبح جزءا من عملية فكرية دائمة تسعى إلى تجديد الحلول القانونية بما يخدم المجتمع.

هذا ولم تقتصر جلسة العمل الأخيرة على مناقشة جوانب الإصلاح، بل كانت أيضا مناسبة للإعلان عن الشروع في الخطوات التشريعية الضرورية للمصادقة على هذه التعديلات بما يضمن تشريعا يتناغم مع تطلعات المجتمع. إذ سيتم تقديم مشروع القانون الخاص بمراجعة المدونة أمام مجلسي البرلمان، في إطار مناقشة موسعة تأخذ بعين الاعتبار مختلف الآراء والتوجهات المجتمعية..

وقد أكد جلالة الملك، نصره الله، على ضرورة أن تواكب هذه المراجعة تطلعات المجتمع في إطار من العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع الأفراد. كما شدد جلالته على ضرورة التواصل الفعال مع المواطنين لإحاطتهم بمستجدات هذا الإصلاح، وضمان فهمهم الكامل للمضامين الرئيسة لهذه المراجعة.

كما دعا جلالته إلى مراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية المرتبطة بالأسرة، وتعزيز تجربة قضاء الأسرة ببرامج توعوية تسهم في تمكين المواطنين من معرفة حقوقهم وواجباتهم، إذ أشار جلالته إلى ضرورة أن يتم صياغة النصوص التشريعية بشكل يضمن سهولة تطبيقها وتجاوز أي تضارب في التفسير، ما يعزز الثقة في النظام القضائي ويتيح حماية حقوق جميع أفراد الأسرة في وقت واحد.

إن الإصلاح المرتقب في مدونة الأسرة يعد خطوة مفصلية في تاريخ التشريع المغربي. إنه ليس مجرد تعديل لقوانين، بل هو تجديد فكري وثقافي يهدف إلى بناء مجتمع يتسم بالعدالة والمساواة. جلالة الملك محمد السادس، من خلال هذا الإصلاح، يظهر مرة أخرى مدى حكمته في التعامل مع قضايا مصيرية تهم كل مغربي، ويعكس التزامه العميق بتطوير المجتمع المغربي بما يحفظ قيمه الدينية والاجتماعية.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.