يعتبر ميشيل بارنيي الوزير الأول الفرنسي الجديد من النخب الفرنسية المعروفة بمواقفها الجريئة اتجاه ملف الصحراء ،والمتشبثة بأن حل هذا الملف لن يتم إلا بالتفاوض المباشر بين المغرب والجزائر، لكون هذه الاخيرة طرفا رئيسيا في هذا النزاع.
وجاء تعيين إيمانويل ماكرون لبارنيي كوزير أول، البالغ من العمر 73 عاما في ظروف دقيقة من تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، ليكون بذلك أكبر رئيس للوزراء في تاريخ فرنسا، مطالبا إياه بتشكيل "حكومة جامعة في خدمة البلاد"، في الوقت الذي عبر فيه جون لوك ميلونشون، زعيم الجبهة الشعبية الجديدة، التي تصدرت نتائج الانتخابات، عن رفضه لهذا التعيين لأنه عتقد انه الاولى بهذا المنصب .
واعتبر ميلونشون أن تعيين بارنيي يمثل "سرقة لنتائج الانتخابات"، موردا أنه من الممكن أن يكون اختياره قد تم بناء على اقتراح من التجمع الوطني الذي يُمثل اليمين المتطرف، هذا الأخير الذي قالت زعيمته مارين لوبين، إن حزبها سينتظر إلى حين عرض البرنامج السياسي لرئيس الوزراء المُعين قبل حسم الموقف من اختياره، مطالبة إياه باحترام الناخبين الذي صوتوا لحزبها.
الوزير الأول الفرنسي الأقرب إلى اليميني التقليدي الفرنسي، كان وزيرا للخارجية في عهد الرئيس الراحل جاك شيراك، ضمن حكومة جون بيير رافاران الثالثة، خلال الفترة ما بين مارس 2004 وماي 2005، كما شغل منصب وزير الفلاحة والصيد البحري في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، ما بين 2007 و2009، ضمن حكومة فرانسوا فيون الثانية.
وفي ظل الوضع الجديد للعلاقات بين المغرب وفرنسا، تبدو خلفيات الوزير الأول الفرنسي أقرب إلى قناعات الرباط، خصوصا في ملف الصحراء، إذ يؤمن هذا السياسي المخضرم الذي عمل طويلا داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، والذي كان مفوضا للسياسة الإقليمية ما بين 1999 و2004، ومفوضا للسوق الداخلية ما بين بداية 2010 ونهاية 2014، بالمحادثات المباشر بين المغرب والجزائر.
وفي 2004 طالب رافاران، باعتباره وزيرا للخارجية الفرنسية، بإجراء "حوار مباشر بين المغرب والجزائر"، من أجل الوصول إلى حل لقضية الصحراء، وحينها رفضت الحكومة الجزائرية الأمر على لسان وزير الخارجية عبد العزيز بلخادم، على اعتبار أن بلاده "لا يمكنها أن تتحدث باسم الشعب الصحراوي" على حد تعبيره.
ويأتي هذا التعيين بعد نحو 5 أسابيع على رسالة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائه عرش المملكة، والتي أورد فيها أن بلاده تعتبر أن "حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية"، معلنا اعتراف باريس بمقترح الحكم الذاتي المغربي "كحل وحيد للنزاع"، ما دفع الجزائر إلى استدعاء سفيرها من فرنسا.
وفي 4 أبريل الماضي، وخلال لقاء ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وستافان دي ميستورا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمين المتحدة إلى الصحراء، في الرباط، جددت المملكة تأكيدها أنها لن تدخل أي مفاوضات بخصوص ملف الصحراء دون مشاركة الجزائر، باعتبارها طرفا رئيسيا في النزاع.
وجا في بلاغ للخارجية المغربية إثر هذا اللقاء أن "لا عملية سياسية خارج إطار الموائد المستديرة التي حددتها الأمم المتحدة، بمشاركة كاملة من الجزائر"، و"لا حل خارج إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي"، ثم "لا عملية سياسية جدية، في وقت ينتهك وقف إطلاق النار يوميا من قبل مليشيات البوليساريو"، وهو ما بات يُعرف بـ"اللاءات الثلاث''
ونشير بالمناسبة بان النظام الجزائري لم ير بعين الرضى تعيين بارنيي وزيرا اولا لحكومة ماكرون ، لانه يعرف مسبقا مواقف الرجل من ملف الصحراء، التي تنسجم مع مواقف الرئيس الفرنسي الاخيرة التي تعترف بمغربية الصحراء، الامر الذي حسم هذا الملف وجعل الجزائر تصاب بالسعال ولتسحب سفيرها من باريز.
بتصرف عن الصحيفة