الحريات الدينية.. لهذا غاب المغرب عن القائمة السوداء لأنتوني بلينكن

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بداية السنة الجارية، بيان لوزير الخارجبة "أنتوني بلينكن"، حول تصنيفات ذات الصلة بالحريات الدينية، خلال يوم 4 يناير 2023، استنادا إلى قانون الحرية الدينية الدولية الذي أصدره الكونغرس منذ عام 1998، بهدف جعل الحريات الدينية والمعتقد، من أولويات السياسة الخارجية الأمريكية.

وتضمن التصنيف درجتين من أصناف الانتهاكات الجسيمة ضد الحريات الدينية، حسب مستوى تورط الدولة في تلك الإنتهاكات؛ بين دول "مثيرة للقلق"، ودول أخرى تستدعي إدراجها ضمن "قائمة المراقبة الخاصة" لكونها أكثر عنفا.

وقد شمل قائمة الإدراج ضمن "المراقبة الخاصة"، مجموعة من الدول بما فيها الجارة "الجزائر"، بالنظر إلى تنامي الخطاب العنيف والتسامح مع بعض الجماعات الارهابية الموالية لإيران في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن احتضان تنظيم "البوليساريو" المسلح على أراضيها.

وتعرف منطقة الساحل والصحراء تنامي انتشار التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى تواجد الجماعات المسلحة، مثل تنظيم الدولة في الساحل، وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا.

وكانت تقاري إعلامية ذكرت أن بعض التنظيمات في الساحل والصحراء تحظى بدعم من النظام "الجزائري"، بالإضافة تسهيل عملية التنقل بين "ليبيا" و"نيجر" و"مالي" الواقعة على حدودها، وتنسيق تدريبات عسكرية مع "حزب الله" و"الحرس الثوري" الإيراني لصالح جماعات إرهابية بما فيها "البوليساريو".

وتجدر الإشارة إلى أن قانون الحرية الدينية الدولية الذي أصدره الكونغرس منذ عام 1998، عرف إصلاحات في زمن "ترامب" خلال سنة 2016، حيث أضحى يشمل التصنيف إلى جانب "الدول"، جهات من غير الدولة كما هو الحال للسلطات والتنظيمات والجماعات.

وكنتيجة لذلك، تضمن التقرير بعض الجماعات في المنطقة ضمن قائمة الدول المشمولة بقرار التصنيف، بين الـ"مثيرة للقلق" و"تحت المراقبة الخاصة"؛ حيث تضمنت منطقة الغرب الأفريقي والساحل، تنظيم الدولة الإسلامية في "الساحل" ثم "غرب أفريقيا"، إلى جانب دولة "الجزائر".

وقد غابت المملكة المغربية عن التصنيف الأمريكي، رغم وجودها في المنطقة التي أضحت بؤرة توتر عالمية، بفضل السياسات الدينية والحقوقبة للمملكة، التي لا تقتصر فيها المدرسة المغربية على الجانب الأمني؛ بل عبر تصدير مجموعة من الركائز، شملت "تأطير الحقل الديني"، زالدور المحوري لمؤسسة إمارة المؤمنين.

 

كما أن الدين الإسلامي في المغرب يقوم على الوسطية والاعتدال، الذي يستمد جذوره من العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي، بالإضافة إلى التسامح مع كلا الديانتين السماويتين اللتان تشملان "اليهودية" و"المسيحية"، مع التصدي لخطاب الكراهية عبر مقاربة "أمنيةّ و"زجرية" و"إعلامية" و"تربوية".

أما بخصوص مكافحة الإرهاب، فإن السياسات الأمنية بالمغرب لا تقتصر على المقاربة الأمنية فقط، إنما من خلال تجديد الخطاب الديني، وتأهيل المتورطين في قضايا الارهاب من أجل مراجعة أفكارهم، كما هو الحال بالنسبة لبرامج تأهيل السجناء، بما فيهم العائدون من بؤر التوتر، بالإضافة إلى اعتماد سياسة تنموية، ناهيك عن إصلاح منظومة حقوق الإنسان، وتضمينها في صلب السياسة الجنائية رغم هاجس "الاستباقية" و"الاحترازية".

وشهدت المؤسسات الدينية خلال العقود الأخيرة أيضا، تحديثا عبر إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، وبرنامج تكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، دون نسيان دور المجلس العلمي الأعلى، الذي يرأسه الملك بصفته  أميرا للمؤمنين، في إصدار الفتوى كمؤسسة دستورية مؤهلة للقيام بهذا المهام، خصوصا بعد التنصيص على حرية المعتقد في دستور المملكة المغربية؛ على اعتبار أن دستور المملكة يشكل مرجعية أساسية للحقوق والحريات.

وقد مكنت السياسات الدينية للمغرب، من أن يكون قوة دبلوماسية روحية في العالم، وأن يحظى بإشعاع وإشادة دولية كبلد مصدر للتسامح والدين الإسلامي السمح، والمساهمة عبر سياسته الأمنية من تجنيب دول غربية هجمات إرهابية؛ كما أنه يحشد إجماعا دوليا من أجل التحرك لمنطقة الساحل وغرب أفريقيا، لمكافحة الإرهاب وإعادة تأهيل المنطقة، عبر "مبادرة الساحل الأطلسي" التي أطلقها الملك محمد السادس مؤخرا .