خبير يوضح: ماذا يقول القانون في منع برلمانيين "مشبوهين" من حضور افتتاح البرلمان؟

خلف خبر منع عدد من البرلمانيين من حضور الجلسة الافتتاحية من الدورة الأولى للسنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشر برئاسة الملك محمد السادس، تفاعلا كبيرا لدى وسائل الإعلام وهو الأمر الذي أدى إلى حصول حالة من الغليان داخل مجلس النواب وفي أوساط الفرق النيابية.

وفي غياب أي وثيقة رسمية تؤكد قرار المنع أو تنفيه، علمت بلبريس من مصادرها أن مجلس النواب تراجع عن قراره الأول بمنع أعضائه المتابعين قضائيًا في قضايا فساد مالي من المشاركة في جلسة الإفتتاح المقررة اليوم الجمعة،

وفي هذا الصدد، قال أمين السعيد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس، إنه لابد من الإشارة إلى أنه لا يوجد بلاغ أو إعلان أو وثيقة منسوبة لمكتب مجلس النواب أو مجلس المستشارين بخصوص منع بعض اعضاء البرلمان والبالغ عددهم 19 عضوا من الحضور للجلسة الافتتاحية التي يفتتحها جلالة الملك في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر استنادا إلى مقتضيات الدستور.

لذلك، يضيف السعيد في تصريح لجريدة بلبريس، نحن أمام فتوى دستورية طرحت إلى النقاش من خلال تداولها من قبل بعض المنابر الإعلامية.

وفي هذا السياق، يشير المحلل السياسي إلى أنه يتعين التمييز بين شقين أساسيين ومتداخلين، فالشق القانوني يتجلى في ضرورة تقديس وإحترام مبدأ قرينة البراءة، بإعتباره مبدأ ذو قيمة دستورية، بالرغم من أن بعض اعضاء البرلمان؛ منهم من هو معتقل ومنهم من هو متابع في حالة سراح مؤقت، فإنه ينبغي إحترام مقتضيات الفصل 119 من الدستور الذي ينص على أنه يعتبر كل مشتبه فيه أو متهم بإرتكاب جريمة بريئا إلى أن تثبت إدانته بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيئ المقضي به.

ويتابع السعيد "وفي إطار الالتزام بمقتضيات الدستور، حرص القضاء الدستوري المغربي، وكذلك القضاء الزجري على الالتزام بمبدأ قرينة البراءة التي حصنها المشرع في الفصل 23 من الدستور حين نص على أن قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان".

وسبق للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، أن أصدرت قرارا بشأن إحترام مبدأ قرينة البراءة في المجال السمعي البصري.

ومن هذا المنطلق، يقول السعيد "لطالما يتابع البرلمانيين في إطار المسطرة القضائية التي لم تنته في إطار قرار العزل من المسؤولية الانتدابية أو صدور حكم نهائي مكتسب لقوة الشيئ المقضي به، فإنه لايوجد مايمنع البرلمانيين المتابعين في حالة سراح، لأن منعهم يحد من تمثيليتهم للأمة".

"وتجدر الاشارة في هذا المنحى، إلى أن إختصاصات مكتبي مجلسي البرلمان، مؤطرة ومحددة في الدستور والنظام الداخلي وتنحصر في مهام تدبير وتسيير شؤون المجلس خاصة؛ تطوير وتأهيل عمل المجلس وتنظيم العلاقات الخارجية وشؤون النائبات والنواب والموارد البشرية والمحافظة على ممتلكات المجلس ثم التواصل والإعلام والتوثيق"، وفق المصدر نفسه.

ويتمثل الشق السياسي، حسب السعيد في كون قرار منع النواب البرلمانيين من الحضور للجلسة الافتتاحية، يتعين أن يتم تداوله من قبل الهيئات الحزبية التي تتحمل المسؤولية السياسية والاخلاقية في استمرار بعض ممثلي الأمة الذين يقدمون صورة سوداء عن الحزب الذي يمثلونه، وكذلك لتجب الشبهات وتضارب المصالح.

وأشار إلى أنه وفي بعض الدول الديمقراطية، يتخذ النواب المتابعين من قبل القضاء مسافة من المؤسسة البرلمانية إلى حين البت في القضايا التي يتابعون بشأنها.

وميز السعيد بين ما هو سياسي في حضور البرلمانيين المتابعين وبين ما هو أخلاقي، حيث قال إن حضورهم بخصوص مسؤوليتهم الجنائية كلما تعلق الأمر بجناية أو جنحة، قد يؤثر على صورة وهيبة مؤسسة البرلمان، ومن الناحية الأخلاقية واحتراما لاستقلالية السلطة القضائية يتعين تدبير هذا الملف إراديا وطوعيا وبمبادرة من الأحزاب السياسية الملزمة بإحترام أخلاقيات العمل السياسي والمحافظة على الحكامة الحزبية التي تفرض وضع مسافة مع اشغال المؤسسة البرلمانية وكذلك عدم تحمل المسؤوليات؛ سواء رئاسة اللجان أو الفرق البرلمانية أو العضوية في مكتب المجلس إلى حين صدور حكم مكتسب لقوة الشيئ المقضي به.