قالوا عن إعادة تطبيع العلاقات المغربية الإيرانية والشروط المحتملة من الرباط وتاثيرها على الكيان الوهمي

تسعى الجمهورية الإيرانية مجددا دق باب المغرب بعد آخر قطيعة دبلوماسية امتدت لـ 6 سنوات إثر حصول الرباط على معلومات تشير إلى “تقديم حزب الله اللبناني المدعوم إيرانيا لدعم مالي ولوجيستيكي وعسكري لفائدة ميليشيات البوليساريو”.

وقال أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني إن “بلاده تتطلع لتطوير العلاقات والعودة إلى حالتها الطبيعية مع الدول الأخرى في المنطقة والعالم الإسلامي، بما في ذلك البلدان المسلمان والشقيقان مصر والمغرب”.

وكان تصريح الوزير الإيراني حول إعادة العلاقات الإيرانية المغربية، خلال لقاء نظمته وزارة الخارجية الإيرانية بحضور سفراء الدول الإسلامية المعتمدين في طهران، الخميس 29 يونيو الماضي.
وفي غياب رد رسمي من المغرب في الوقت الحالي، يرى عدد من المتابعين للعلاقات المغربية الإيرانية، أن تصريحات وزير الخارجية الإيراني، جاءت لجس نبض الرباط.

تاج الدين الحسيني: المغرب لا يمكنه أن يقبل عودة العلاقات في ظل استمرار دعم إيران للبوليساريو

وأوضح الحسيني، أن الأخطاء المرتكبة من طرف النظام الإيراني، دائما ما تكون سببا في القطيعة بين طهران والرباط، مسجلا أن الدبلوماسية المغربية لا تبحث عن القطيعة بأي حال من الأحوال، “فعلى العكس من ذلك، هي دائما منفتحة وتؤمن بالسلام، والتعاون بين الدول، خاصة وأن إيران من بين الدول الأساسية داخل منظمة المؤتمر الإسلامي، وكذلك قد تكون عضوا في لجنة القدس التي يرأسها العاهل المغربي”.

ويرى الخبير في العلاقات الدولية، أنه ليس هناك قطيعة مطلقة بين إيران والمغرب، معتبرا في نفس الوقت أن إعلان وزير الخارجية الإيراني رغبة بلاده في عودة العلاقات بين الطرفين، أمر مهم يجب أن يطرح للنقاش، لكن ينبغي أن تكون العودة مشروطة باتخاذ مواقف محايدة فيما يتعلق بمسألة الصراع مع البوليساريو والجزائر.

وتابع : “هذا شرط أساسي، ويجب أن تركز الدبلوماسية المغربية على ذلك، لأن هناك أخبار دقيقة تؤكد أن حزب الله، ولو أنه لبناني، إلا أنه مرتبط بكيفية وثيقة بالنظام الإيراني والحرس الثوري كذلك، وهناك فئات تقول بأن هناك نوع من التعاون القائم بين إيران والبوليساريو عن طريق التزكية الجزائرية، والتي يتم دعمهم بالطائرات المسيرة، وبتداريب خاصة”، مؤكدا على أن المغرب لا يمكن أن يقبل عودة العلاقات في ظل استمرار هذا النوع من الدعم للبوليساريو، وخاصة بالسلاح.

محمد شقير: عدم رد المغرب على تصريح وزير الخارجية الإيراني دليل على عدم اقتناعه بمضمون التصريح

قال محمد شقير، المحلل السياسي، إن “هذا التصريح يأتي ضمن محاولات إيران للتخفيف من عوامل التوتر بينها وبين العديد من الدول العربية والإسلامية”، مشيرا إلى أن “استئنافها للعلاقات مع المملكة العربية السعودية قد شجعها على جس نبض دول إسلامية أخرى كالمغرب ومصر”.

وأضاف شقير في تصريحه أن “عدم رد المغرب على تصريح وزير الخارجية الإيراني دليل على عدم اقتناعه بمضمون التصريح، خاصة وأنه يتزامن مع خطوتين معاديتين اتخذتهما إيران، الأولى تتعلق بإعلان ممثل طهران خلال اجتماع اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة دعم بلاده للموقف الجزائري فيما يتعلق بالبوليساريو”.

أما الخطوة الإيرانية الثانية حسب شقير، فتتعلق ب “المكالمة التي أجراها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مع نظيره الجزائري والتي أكدا فيها على ضرورة تطوير العلاقات بين البلدين في مجالات عدة”.

المحلل السياسي ذاته أوضح أن “تصريح وزير الخارجية الإيراني بمناسبة عيد الأضحى وبحضور سفراء الدول الإسلامية، يدخل ضمن الاستهلاك الداخلي والمجادل المناسباتية”، مؤكدا على أنه “يبقى تصريحا لا يمكن الاعتماد عليه لاتخاذ موقف رسمي، خصوصا وأنه تضمن إشارات إلى أعداء الأمة الإسلامية والصهاينة، في الوقت الذي أعادت دول إسلامية بما فيها المغرب علاقاتها مع إسرائيل”.

وخلص المتحدث ذاته إلى أن “أي استئناف للعلاقات بين المغرب وإيران لن يكون إلا بشرطين؛ الأول يتعلق بتخلي طهران عن دعم البوليساريو بالسلاح وطائرات “الدرون” وتدريب قواتها، سواء يشكل مباشر أو عن طريق حزب الله اللبناني. فيما يتعلق الثاني بتخلي إيران عن مساندة الموقف الجزائري فيما يخص قضية الصحراء التي تشكل بالنسبة للمغرب البوصلة السياسية في تحديد علاقاته بمختلف الشركاء الأجانب”.

حسن بلوان: إن كانت إيران تجيد الرقص على أنغام التوازنات الدولية فإن المغرب يعرف كيف يستفيد من تموجات الواقع العربي والإقليمي
وفي قراءته، يقول حسن بلوان، أستاذ باحث في العلاقات الدولية، إن “الخلاف الإيراني المغربي معقد وأكثر حساسية ويقع تحت ضغط ثلاثة ملفات ثقيلة، وهي قضية الصحراء والوحدة الترابية المغربية، وكف إيران عن سياسة التدخل المهدد للاستقرار في الشؤون الداخلية لحلفاء المغرب في الخليج، ثم العلاقات الممتازة بين إيران والجزائر على حساب المغرب”.

وأشار الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية إلى أن الدبلوماسية المغربية الجديدة تتعاطى مع مثل هذه الملفات بواقعية أكثر ومن غير المستبعد إعادة العلاقات المغربية الإيرانية، بشروط أهمها:

– حياد الموقف الإيراني من قضية الصحراء المغربية
– كف أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المشرق والمغرب
– ضغط إيران على حزب الله لفك الارتباط بينه وبين ميلشيات البوليساريو الانفصالية
– الحفاظ على التوازن الإيراني في العلاقات مع المغرب من جهة ومع الجزائر من جهة أخرى

ويؤكد بلوان أن “إعادة العلاقات بين إيران والمغرب مسألة وقت فقط بالنظر إلى التغيرات الجيواستراتيجية التي تعرفها المنطقة والتحديات التي يواجهها البلدان، أضف إلى ذلك التقارب الإيراني السعودي، الذي سينعكس بلا شك بشكل إيجابي على العلاقات بين البلدين”.

وفي ختام حديثه، يشير الباحث في العلاقات الدولية، إلى أنه “إذا كانت السياسة الخارجية الإيرانية تجيد الرقص على أنغام التوازنات الدولية، فإن الدبلوماسية المغربية تعرف كيف تستفيد من تموجات الواقع العربي والإقليمي، وبالتالي الوصول إلى تليين الموقف الإيراني بما ينسجم مع مصالح المغرب الاستراتيجية وفي مقدمتها قضية الصحراء”.

محمد بوخبزة: إيران تمادت في المساس بالمصالح العليا للمغرب

ومن جهة أوضح أستاذ العلوم السياسية وعميد كلية الحقوق بتطوان، محمد بوخيزة، أن “إيران تمادت في المساس بالمصالح العليا للمغرب خاصة مد يد العون والمساعة المطلقة بطريقة مباشرة للبوليساريو وتهديد المباشر للأمن والاستقرار للمغرب، وهذه الوضعية كانت السبب في قطع المغرب لعلاقاته مع إيران”.

وأكد بوخبزة أن “هذا الوضع ليس جديدا والعلاقات بين المغرب وإيران لم تكن دائما علاقات مقطوعة ومتشنجة بل فترة مهمة من مرحلة ما بعد الثروة الإيرانية كانت العلاقة بين الطرفين ودية”، مشيرا إلى أنه ‘في هاته الفترات كانت إيران تسعى إلى نسج علاقات متوازنة بين المغرب والجزائر ، ومعلوم أن المغرب الآن لن يتنازل عن مصالحه وأصبح ينظر إلى علاقته مع الدول بنظارة الصحراء المغربية”.

وأضاف المتحدث نفسه “وبالتالي فإن إيران مطالبة بأن تبحث عن علاقات متوازنة ما بين المغرب وإيران والجزائر وإيران دون أن ننسنى أن هناك حلف تقليدي اصبح الآن معتمدا ما بين إيران والجزائر وسوريا وبالتالي فإن المسؤولية ملقاة على عاتق إيران للبحث عن السبل الممكنة وخاصة بعدما جربت العلاقات الودية والمتشنجة مع المغرب والصراع معه كذلك”.

وأبرز بوخبزة أنه وفي الحالات التي تكون العلاقات الودية تكسب العديد من الأمور أهمها التقرب من الدول العربية الإسلامية كون أن المغرب يمتلك شركاء موثوق فيهم، مضيفا أن إيران “جربت كذلك قطع العلاقات وأنها تخسر الشيء الكثير وهو الأمر يجعلها مطالبة بالبحث عن التوليفة التي تخلق بها هذا التوالف بين المغرب والجزائر”.

عبد النبي صبري: عودة العلاقات المغربية الإيرانية سيكون آخر مسمار يدق في نعش البوليساريو ومن ورائه الجزائر

بحسب أستاذ العلاقات الدولية، عبد النبي صبري، فإن عودة العلاقات بين المغرب وإيران إلى مجاريها بعد انتفاء سبب قطع العلاقات، سيكون آخر مسمار يدق في نعش البوليساريو ومن ورائه الجزائر، معتبرا أن هذه الخطوة المحتملة من شأنها أن تسرع في طي النزاع المفتعل.

وأوضح “أن الخطوة التي أقدم عليها المغرب بخصوص قطع علاقته بإيران قبل سنوات، يؤكد بالبرهان على أن هناك عناصر ذات توجه إيراني داعمة لميليشيات البوليساريو، وأن الحجج الدامغة التي قدمها المغرب آنذاك تنكرت لها إيران وادعت أن لا علاقة لها بذلك لكن الواقع يؤكد هذه المعطيات.

واعتبر أن إيران كانت تريد التمدد في شمال إفريقيا وكانت تعتقد على أن شمال إفريقيا والقارة الإفريقية لقمة سائغة يسهل التمدد فيها كما هو الأمر في الخليج العربي وفي المشرق العربي ككل، مشيرا إلى تورط الجزائر في جرها إلى هذه الورطة التي سقطت فيها دون دراسة لخفايا هذا الأمر.

وأكد أن “التحدي الخاطئ الذي كانت قد رفعته إيران بأن تخترق القارة الإفريقية ارتطم أولا بصعوبة في المجال الديني إذ أن محاولتها إيصال المد الشيعي إلى إفريقيا اصطدم بالمد السني والمذهب المالكي والدور الذي يقوم به المغرب على مستوى الديبلوماسية الروحية وتكوين الأئمة الأفارقة، وهو ما وجدت معه نفسها في موقف أربك أوراقها من الناحية الإيديولوجية التي هي تتأسس عليها”.

وأشار صبري إلى أن “إيران أدركت، أخيرا، أن المغرب متفوق على المستوى الأمني والاستخباراتي وله تجربة واسعة الانتشار في الميدان وله الخبرة والكفاءة وتمكن من إدراك طبيعة المحيط بنجاحاته وإخفاقاته وإحباطاته، في حين أن الجزائر مع الأسف لا تملك أدوات القرار أولا ثم ثانيا جعلت من إلهاء الداخل الجزائري مطية لاستدامة الوضع وإبقائه على ما هو عليه”، يضيف صبري.

الحسين كنون: المغرب يفتح أبوابه للتعاون مع إيران شريطة أن تبتعد عن دعم البوليساريو

الحسين كنون، رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، يرى أن “ما عبر عنه اللهيان هو موقف طهران التي تريد بقوة تعزيز العلاقات في الوقت الحالي مع دول العالم، خاصة الإسلامية”.

وأضاف كنون أن “العقيدة الدبلوماسية للمغرب ترغب دائما في مد يد التعاون لجميع الشركاء الدوليين، غير أن ذلك يجب أن يأتي مع احترام الوحدة الترابية للمملكة، وهو الأمر الذي وضحه العاهل المغربي في خطابه”.

وأورد رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية أن “النية المغربية الحسنة تجاه طهران قبل 2018 كانت تأتي في ظل دعم إيراني للبوليساريو عبر حزب الله”، مشددا على أن “المملكة لن تتساهل حيال هذا الأمر الذي يهدد أمنها القومي”.

وحول الدول التي من الممكن أن تلعب دور الوساطة بين الرباط وطهران، بين المتحدث عينه أن “السعودية هي الدولة الأكثر أهلية لذلك، نظرا لمصداقية دبلوماسيتها، وحرصها الدائم على تطبيق وعودها تجاه المغرب”.

وخلص كنون إلى أن “المغرب يفتح أبوابه للتعاون مع إيران، وتعزيز التبادل التجاري، شريطة أن تبتعد إيران عن دعم البوليساريو تحت يد الجزائر، لأن ذلك العقبة الوحيدة لعودة العلاقات بين الطرفين”.

شريفة لموير: عودة العلاقات المغربية الإيرانية مستقبلا قد يزيد من عزلة الجزائر الدولية

من جانبها، سجلت شريفة لموير، باحثة ومحللة سياسية، أن “المغرب اليوم أصبح يشكل قطبا قاريا، ما جعل إيران تطمح إلى عودة علاقاتها مع المملكة”.

وتضيف لموير أنه “ليس من مصلحة إيران اليوم الاستمرار في قطيعتها مع المغرب، خاصة في ظل إستراتيجية الانفتاح التي تبناها مع مجموعة من الدول الكبرى، بعيدا عن شركائه التقليديين”، موردة أن “انعكاسات عودة العلاقات الإيرانية السعودية على المغرب كانت مؤشرا على نهج سياسة جديدة لدى الجانب السعودي، ما يمكن أن يؤثر إيجابيا في تليين عودة العلاقات الإيرانية المغربية”.

“عودة العلاقات المغربية الإيرانية معناها أن الرباط ستبني مسارا جديدا في علاقاتها مع طهران”، تتابع المتحدثة عينها، قبل أن تستدرك: “في الوقت الراهن سيكون المغرب سباقا إلى تليين الخطوة الإيرانية، مع استبعاد سيناريو اعتراف إيران بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية للمملكة. كما أن تدخل إيران في قضية الصحراء، ودعمها للميليشيات المعادية للوحدة الوطنية، يشكل عائقا حقيقيا، الأمر الذي يلزم طهران بنهج سياسة جديدة تجاه المنطقة المغاربية”.

وبخصوص المزاج في الجزائر مع الخطوة الإيرانية المفاجئة، خلصت المصرحة إلى أن “الجزائر لا تملك ولاء إيران التام، ما يعني أن الأخيرة لن تراهن عليها كثيرا في المنطقة، كما أن عودة علاقاتها مع السعودية ترجمة للتوجه الذي أصبحت تتبناه في محاولة منها للدخول إلى مصاف الدول الكبرى”، مشددة بذلك على أن “هذا التقارب أو عودة العلاقات المغربية الإيرانية مستقبلا قد يزيد من عزلة الجزائر الدولية”.

إدريس الكنبوري: طهران أصبحت تدرك خطأ سياساتها السابقة

قال المحلل السياسي، إدريس الكنبوري  إنه “منذ استئناف العلاقات بين إيران والسعودية، مارس الماضي عبر وساطة الصين، أصبحت طهران تخطب ود العواصم العربية الأخرى التي حصلت معها أزمة سياسية أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية ومنها المغرب”.

ونبه الكنبوري إلى أن إيران تسعى إلى الخروج من عزلتها في المحيط العربي، بخاصة في ظل التحولات العالمية الجديدة التي ترتكز على الأحلاف بين روسيا والصين من جهة وأوروبا وأميركا من جهة ثانية، وفي هذا الإطار يمكن فهم وساطة بكين.

وزاد بالقول “إيران تفهم شروط المغرب لاستئناف العلاقات، لأن القطيعة حصلت بسبب تدخل طهران في قضية الصحراء، وأي عودة للعلاقات سيترتب عنها إعادة نظر إيران في سياستها في منطقة المغرب العربي بشكل عام وليس تجاه المغرب فقط، باعتبار أن لقضية الصحراء تداعيات إقليمية”.

وتابع “إيران مطالبة بإعادة النظر في سياستها الإقليمية في المنطقة وتحديد سقف علاقاتها مع الجزائر، خصوصاً في ظل الأزمة الحالية بين الجزائر والمغرب”، مضيفاً أنه “إذا كان وزير الخارجية الإيراني أعلن رغبة بلاده في عودة العلاقات في هذا الوقت بالذات، فهذا معناه أن طهران أصبحت تدرك خطأ سياساتها السابقة”.

ولفت الكنبوري إلى نقطة أخرى تتعلق بملف “التشيع المعقد”، لأن إيران لا تزال تتعامل معه بنظرة قديمة، “بينما اليوم نحن أمام تحولات دينية في البلدان السنية، فهناك حرص على ضبط المشهد الديني، والدولة أصبحت تتعامل مع الشأن الديني منذ عقدين من الزمن باعتباره يهم الدولة ومؤسساتها، مما يعني أن أي تدخل فيه يعني صداماً مع الدولة”.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *