خلل دستوري يشوب مسطرة إعداد مشروع قانون مالية 2023، فهل سيعرض على القضاء الدستوري في إطار الرقابة الجوازية؟
ما زال موضوع مشروع قانون مالية لسنة 2023 يطرح العديد من الإشكالات والنقاشات المتعددة الأطراف سواء على مستوى المضمون من جهة أو على مستوى توافقه مع المقتضيات الدستورية والتوجهات الملكية من جهة أخرى.
ويرى مراقبون أن ما قُدم في 18 أكتوبر من توجيهات أمام أنظار الملك محمد السادس والذي حُدد له أربع أولويات وهي الحماية الإجتماعية وتخفيف عبء ارتفاع الأسعار وتعزيز الإستثمار العمومي وتحفيز الإستثمار الخاص والحفاظ على التوازنات المالية العمومية، يختلف تماما على مبادئ الموجهة في البرنامج الحكومي.
جواد لعسري، أستاذ المالية العامة والتشريع الضريبي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، قال في هذا السياق إن "مسطرة إعداد مشروع قانون مالية سنة 2023 مشوبة بعوار دستوري، مشيرا إلى أن هذا الخلل يتجلى في كون مسطرة إعداد قانون المالية مخالفة لمقتضيات دستورية تتعلق بالفصلين 46 من القانون 130.13 المتعلق بالقانون التنظيمي و 49 من دستور المملكة" .
وأوضح لعسري في تصريح له لـ "بلبريس"، أن الوزير المكلفة بالمالية ملزم بضرورة انتظار انعقاد المجلس الوزاري الذي يحدد التوجهات العامة لمشروع قانون المالية وهو مجلس يترأسه الملك والذي يحدد النقط الكبرى التي يجب أن تشتغل عليها الوزارة تحت إشراف رئيس الحكومة.
وخلافا لما جاء به دستور 2011، قال المتحدث، إن مسطرة الإعداد لمشروع قانون مالية 2023 تم الشروع فيها في مارس من هذه السنة، وتم عرضه لاحقا على المجلس الوزاري بتاريخ 18 أكتوبر 2022 ليعرض ليومين بعد ذلك على أنظار مجلس النواب.
وأكد لعسري، أنه وبقراءة بسيطة للفصل 46 من القانون التنظيمي للمالية نجد أنه ينص على أن الوزير المكلف بالمالية يتولى إعداد مشروع قانون المالية بناء على التوجهات العامة المتداول بشأنها بالمجلس الوزاري بالفصل 49 من الدستور .
وحسب ما جاء به الفصل 46 من القانون التنظيمي للمالية، يوضح لعسري، أنه يستشف من المقتضيات المشارة إليها أن مسطرة إعداد الميزانية تأتي في وقت لاحق لانعقاد مجلس وزاري يرأسه جلالة الملك الذي حدد التوجهات العامة والأولويات التي تحضى بأهمية ملكية والتي يتعين على الحكومة الإلتزام بها وإعدادها في مشاريع قوانين المالية.
وشدد خبير المالية العامة أن اللبس الذي وقعت فيه الحكومات التي تشكلت بعد دستور 2011 لم تعد تميز بين المسطرة ما قبل دستور 2011 وبعده باعتبار أن مشاريع القوانين كانت تعرض برمتها على المجلس الوزاري، في حين أنه بعد دستور 2011 لم يعرض على هذا الأخير -المجلس الوزاري- سوى ما يتعلق بالتوجهات العامة فقط.
وأبرز العسري، أن "المجلس الوزاري في ظل دساتير 1962 1970 1972 1992 1996 كانت له سلطة تقريرية فيما يتعلق بمشاريع قوانين المالية بينما في ظل دستور 2011 يملك فقط سلطة التوجيه، وتأسيسا عليه فهو يمارس سلطة التاطير والتوجيه التي تسبق عملية الاعداد الاداري طبقا للفصل 46من القانون التنظيمي للمالية".