علمت بلبريس من مصدر مطلع،أن فوزي لقجع الوزير المنتدب في الاقتصاد والمالية مع إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي يوم أمس الثلاثاء، قبل الاجتماع الذي عقده فوزي لقجع مع برلمانيي حزب الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب، حول قانون المالية للسنة المقبلة، وأيضا رؤية الحكومة بشكل عام لمواجهة التحديات الراهنة.
اللقاء الذي استمر لساعة متأخرة من الليل، حضره العديد من عضوات وأعضاء الفريقين البرلمانيين،وأعضاء اللجنة الاقتصادية للحزب وخبراء واطر ادارتي الفريقين.
وحظي الوزير الملكف بالميزانية باستقبال من لدن ادريس الشكر الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وتمحور اللقاء حول مستجدات قانون المالية للسنة المقبلة والرهانات المطروحة والتحديات التي تواجه بلادنا في ظل الوضعية الصعبة دوليا واقليميا، والمرتبطة أساسا بتداعيات كورونا وتقلبات السوق العالمية وآثار الحرب الروسية الأوكرانية.
واستعرض فوزي لقجع خلال هذا اللقاء، المستجدات التي حملها مشروع القانون المالي والفرضيات التي يقوم عليها، و كذا الرهانات المطروحة على مالية الدولة و التحديات التي تواجه المالية العمومية في ظل تقلبات السوق العالمية.
و أكد عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، الذي أدار اللقاء في كلمته الافتتاحية، أن هذا اللقاء يأتي في سياق مناقشة مشروع القانون المالي المقبل، بعد تقديمه من طرف رئيس الحكومة داخل البرلمان وكذلك المناقشة العامة و التفصيلية داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى تقديم التعديلات بشأنه.
وأوضح شهيد، أن قانون المالية هو الذي يعطي صورة حقيقية عن التحديات و الرهانات المطروحة، وكذلك يعطي صورة واضحة عن وضعية مالية الدولة.
وشدد شهيد، على أن الغاية من هذا اللقاء هو التعرف أكثر على رؤية الحكومة لمواجهة التحديات الراهنة خاصة في ظل هذه الوضعية الصعبة التي تمر منها بلادنا، و كذلك تقريب النواب من أساسيات المالية العمومية وسياقات مشروع القانون المالي، مؤكدا في نفس الوقت أن الفريق الاشتراكي يمارس معارضة مسؤولة وبناءة ويقظة.
وأشار رئيس الفريق الاشتراكي، إلى أنه ينبغي استيعاب وفهم مشروع القانون المالي، وذلك لتحليل كل المؤشرات والمعطيات المتعلقة بمالية بلادنا في الوضعية الراهنة.
و بعد استعراضه لمراحل إعداد مشروع قانون المالية المقبل، أكد فوزي لقجع الوزير المكلف بالميزانية، على أن استحضار التراكمات في تدبير الميزانية مسألة أساسية، وأن المنطق يقتضي التجنب ما أمكن السياسة الضيقة، وذلك لإستشراف مستقبل البلاد وفق قناعات مضبوطة.
و شدد فوزي لقجع في عرضه أمام أعضاء الفريق الاشتراكي بمجلسي البرلمان، على أن المالية العمومية تمر من ظروف صعبة للغاية في الوقت الراهن، و بالتالي يجب تدعيم الأساسيات الماكرو اقتصادية، للحفاظ على التوازنات المالية و تحقيق فائض اقتصادي.
وسجل لقجع، أن المالية العمومية تضررت بشكل كبير، ارتباطا بتقلبات السوق العالمية والظرفية الصعبة، على غرار باقي دول العالم. موضحا أن هناك العديد من دول الجوار التي عصفت بها هذه الطرفية وتدهور اقتصادها، ولم يعد أمامها أي خيار.
كما اعتبر لقجع، أن العالم سيعرف ركودا اقتصاديا حقيقيا، لأن معدلات النمو ستعرف انخفاضا واضحا وستكون سلبية للغاية. مؤكدا أنه بدون معدلات النمو لن تكون هناك أية تنمية أو حركة تجارية واقتصادية.
وأضاف لقجع قائلا في هذا السياق: وضعيتنا المالية صعبة جدا وعلينا الخروج من هذا النفق.
وأشار، إلى أن السنة المالية السابقة كانت سنة استثنائية من حيث عدة مؤشرات مالية كنسبة النمو والتضخم والصادرات والواردات. داعيا إلى استحضار كل الهواجس التي يجب الاشتغال بطريقة جماعية وبكل مسؤولية، والأخذ بعين الاعتبار السياق الدولي الصعب.
و لم يفت لقجع في عرضه، أن شدد على ضرورة التوجه نحو إصلاح حقيقي وشامل يرتكز أولا على إصلاح المؤسسات العمومية لتجاوز العوائق البنيوية التي تقف أمام فعاليتها ونجاعتها. مشيرا إلى ان هذا الجانب من الاصلاح في بدايته ويجب انجاحه بطريقة تشاركية وجماعية مع كافة الفرقاء لتحقيق أهدافه و أثره الإيجابي على المالية العمومية.
كما أشار لقجع إلى أن الإصلاح الثاني يتعلق بنظام التقاعد، وذلك لجعل هذا الأخير مساهما في الاقتصاد الوطني، بإعتباره أمرا أساسيا له ارتباط وثيق بمسألة الادخار وتحصيل موارد مالية، وذلك على غرار مختلف دول العالم.
واعتبر لقجع في هذا السياق، أن إصلاح نظام التقاعد لا يخرج عن ثلاث نقاط أساسية وهي السن وواجب الانخراط والمدة، لافتا إلى العمل والمجهود الكبير الذي قام به الفقيد عبد الرحمان اليوسفي في هذا الإطار في عهد حكومة التناوب والذي كان له أثر واضح على الجانب الاجتماعي والاقتصادي.
وتطرق الوزير المكلف بالميزانية، إلى اصلاح صندوق المقاصة، كأحد الركائز الاساسية التي يجب التركيز عليها لتفعيل إصلاح حقيقي وشامل للمالية العمومية، مؤكدا على أن الدولة تتحمل نفقات إضافية في دعم المواد الأساسية، وهو ما يثقل كاهل الميزانية العامة.
و اعتبر أن دعم الدولة لمواد الغاز و السكر و القمح من صندوق المقاصة، يندرج في إطار الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي تم الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة للصندوق خلال هذه الظروف الصعبة.
وسجل لقجع في نفس الوقت بأنه لا يعقل أن يتم استنزاف خزينة الدولة وإثقال كاهل المالية العمومية، مؤكدا على ضرورة الاصلاح التدريجي لصندوق المقاصة عبر الاستهداف المباشر للفئات المعنية بالدعم الاجتماعي.
وتابع قائلًا في هذا الصدد: يجب العمل على الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة، وذلك لبناء المستقبل وجعله مساهما في مالية الدولة.
وتساءل المسؤول الحكومي، عن مدى استفادة المغاربة بطريقة عادلة من هذا الدعم؟ واعتبر أن الأمر يتعلق باستفادة فئة معينة، على حساب الفئات الهشة والفقيرة.
ويتجلى الاصلاح الرابع، حسب الوزير المكلف بالميزانية في إصلاح النظام الضريبي، الذي ينبني على العدالة الضريبية بالدرجة الأولى، ولتحقيق ذلك يؤكد فوزي لقجع على العمل على تفعيل مجموعة من الآليات المتمثلة في الاستقرار التشريعي وملائمته مع التطورات الحاصلة وكذلك إعمال المراقبة الضريبية.
و في هذا السياق، أوضح الوزير، أن مشروع قانون المالية تبنى مسألة إقرار الضرائب على الشركات الكبرى، وكذلك الشركات الموجودة في مناطق التسريع الصناعي، وهذا أمر عادي وأساسي.
واعتبر المتحدث في عرضه، أن إصلاح نظام الضريبة على الدخل مسألة أساسية، بالرغم من النقاش الدائر حولها اليوم. مستعرضا ما جاء به مشروع القانون المالي المقبل بشأن اصلاح الضريبة على الدخل بالنسبة للأجراء و الموظفين واقتطاعها من المنبع.
و ارتباطا بتضريب قطاعات مهنية أخرى، حسب ما حمله مشروع قانون المالية، أشار لقجع في هذا السياق، إلى أن الحكومة مستعدة للحوار و النقاش مع جميع القطاعات المهنية، لتسهيل كل الاجراءات والتدابير، كما تحدث كذلك عن مسألة فرض الضرائب على قطاع المحاماة، مضيفا: المحامي يجد صعوبة في التصريح بالضرائب، و تم اقتراح هذا الاجراء القاضي بأن يصرح المحامي بكل قضية يمسكها، وبالتالي سنعمل على تسهيل كل الاجراءات ونفتح باب النقاش والحوار مع المحامين.
ومن جهة أخرى، اعتبر فوزي لقجع، أن إصلاح القطاع غير المهيكل، مسألة أساسية وذات أولوية، لجعله مساهما قويًا في الحركة الاقتصادية لبلادنا خاصة مع ما أبانت عنه جائحة كورونا من اختلالات واكراهات يعاني منها الاقتصاد غير المنظم. معتبرا أن القطاع غيرالمهيكل هو تحدي حقيقي أمام هذه الحكومة، يجب الانكاب عليه و معالجته بشكل تدريجي.
و شدد المتحدث، على أنه يتم العمل على معالجة الاشكالات الاجتماعية وتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، و تنزيل ورش الحماية الاجتماعية،وفق خارطة الطريق التي وضعها جلالة الملك، لتجاوز كل التفاوتات المجالية و التغلب على التحديات المطروحة. مؤكدا أن التمويل والديمومة هما عنصرين أساسيين في ورش الحماية الاجتماعية وتنزيل التغطية الصحية و تعميم التعويضات العائلية التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك.
و دعا لقجع خلال هذا اللقاء، إلى تظافر الجهود لمعالجة الإشكالات الاجتماعية التي تعاني منها بلادنا، خاصة في القطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة والسكن والنفقات المرتبطة بها، مؤكدا على ضرورة الانكباب على اصلاح التعليم ورد الاعتبار للمدرسة العمومية و اصلاح قطاع الصحة العمومية وفق البناء الموسساتي و الوظيفة الصحية و المسار الطبي للعلاجات، وكذلك إصلاح منظومة السكن الاجتماعي.
واستعرض في هذا السياق، الاجراءات التي جاء بها مشروع قانون المالية لسنة 2023، لمباشرة هذه الاصلاحات في قطاع السكن والصحة و غيرهما، ودعم الدولة للفئات المستهدفة والمستفيدة خاصة في مجال السكن عبر إقرار آليات لفائدة الأسر لاقتناء مسكنها.
و أكد لقجع، على ضرورة القطع مع الممارسات السابقة، وإعمال المراقبة و التتبع لكل المشاريع في مجال السكن الاجتماعي، واستهداف الفئات المعنية لضمان لاستفادتها من اقتناء السكن.
وخلص المتحدث إلى أن منظور الاصلاح اليوم وبناء الدولة الاجتماعية، يرتكز أساسا على تنزيل السجل الاجتماعي الموحد، كآليات لضمان دعم واستهداف الفئات الهشة والفقيرة. داعيا في نفس الوقت إلى انجاح هذه المرحلة الهامة والمساهمة في بناء الوطن ومستقبل بلادنا.
كما أكد في نفس الاطار، على ضرورة الاستثمار في الماء عبر تنزيل كل المشاريع المتعلقة بالحفاظ على الثروة المائية، منها مشاريع وبرامج تحلية مياه البحر، و بناء السدود، وسياسة الأحواض المائية، مما يتطلب تعاملا آنيا ومستعجلا مع هذه الوضعية الصعبة التي تمر منها بلادنا.
وتطرق لقجع إلى مستوى الدين الخارجي و نسبة التضخم و ارتباطها بموجة الغلاء التي تعرفها المواد الاساسية في العالم، وكذلك في بلادنا. معتبرا أن تحقيق نسب النمو يمر عبر الاستثمار العام والخاص، و تطوير الموارد البشرية وكذلك الحكامة التي تضمن الفعالة و الشفافية و النجاعة. داعيا إلى استغلال الفرصة وتحفيز الاستثمار العمومي مع إعتماد آليات الحكامة التي تعتبر الضمان الاساسي لتحقيق التنمية ومعدلات النمو.
و ذكر لقجع بالتحديات الجيوستراتيجية، التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار و تشكيل نظام عالمي جديد.
وبالمقابل، تفاعل أعضاء و عضوات الفريق الاشتراكي بمجلسي البرلمان، مع ما تقدم به الوزير المكلف بالميزانية، و المعطيات التي تضمنها العرض.
و أكد أعضاء وعضوات الفريق الإشتراكي بمجلس النواب و المستشارين، في مداخلاتهم وتفاعلاتهم، أن هناك قطاعات هامة يجب العمل على مباشرة الإصلاح فيها بشكل شامل ومستعجل.
و طالبوا الحكومة بتسريع العمل على التنزيل الفعلي للسجل الاجتماعي لدعم الفئات الهشة والضعيفة و تخفيف العبء على الطبقة المتوسطة.
ودعا أعضاء الفريقين البرلمانيين، إلى التحكم في الفرضيات التي ينبني عليها مشروع القانون المالي، وكذلك نسبة التضخم، والعمل على رفع نسبة النمو لتحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا.
كما تناولت مداخلات النواب والمستشارين الاتحاديين، مسألة مالية الجماعات والارتقاء بها، و محاربة التفاوتات المجالية والفوارق الاجتماعية بين مختلف الجهات، والعجز المائي الذي تعاني منه بلادنا، بالاضافة إلى الاصلاح الضريبي وتنزيل توصيات المناظرة الوطنية للجبايات.
و سجل أعضاء الفريقين، بأن مشروع القانون المالي لم يحمل أي إجراء حول مقاربة النوع لتحقيق المساواة والنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمرأة.
و كان هذا اللقاء، فرصة لتعميق النقاش حول الوضعية الاقتصادية ومشروع مالية 2023، في أفق تقديم التعديلات على مشروع قانون المالية المقبل الذي يناقش داخل قبة البرلمان.