فضيحة ناصر بوريطة أو دبلوماسية "لقصاير".. "كارثة" كولومبيا - نموذجا-

في خبر لم يكن متوقع، تداول وسائل الإعلام الكولومبية خبر تعرض إطارين مغربيين ضمن السفارة المغربية في بوغوتا، لحادث سرقة، بعد تنظيمهم لليلة ماجنة، وقيل إن تعرضهم لهذا الحادث جاء على إثر تناولهما مواد "منومة".

هذا الحادث لا يمكن إعتباره عرضيا، خصوصا أن من بين الأشياء المسروقة لوحات إلكترونية وهواتف نقالة تحتوي على معلومات في غاية السرية، مما قد يأثر على عمل الدبلوماسية المغربية، في بلد عرف بإحتضانه لعناصر الإنفصال المنتمون لجبهة الوهم المسماة بـ"البوليساريو".

في المقابل، قامت الإدارة المركزية لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، فور علمها بتفاصيل الحادث باستدعاء المعنيين بالامر، وإحالتهم على التأديب، بناء على المعطيات التي تناقلتها وسائل الاعلام الكولوبية.

للأسف الشديد، فهذا الحادث وقع على بعد أقل من أسبوع من اعتراف الدولة الكولوبية بجمهورية الوهم، وهو الحدث الذي شكل ضربة موجعة للمغرب، في ظل المجهودات الجبارة التي تقوم بها جميع الطاقات المغربية لمواجهة أعداء الوحدة الترابية والمتربصين بها.

بين حادث السرقة وحادث اعتراف كولومبيا بـ"البوليساريو"، ترابط كبير، يتجلى في كون الأشخاص الذين أرسلهم وزير الخارجية ناصر بوريطة لبوغوتا عاصمة كولومبيا، لم يكن هدفهم الدفع بالمخططات الديبلوماسية التي سطر الملك محمد السادس خطوطها العامة، بل كان هدفهم هو تنظيم السهرات الماجنة، وتحقيق ملذاتهم الشخصية.

لا يمكن أن نحمل المسؤولية وراء هذا الحادث الذي قد يعيدنا للوراء لسنوات، لهؤلاء الموظفين فحسب، بل المسؤول المباشر على القطاع ناصر بوريطة يتحمل جزء مهما في ما حدث.

تعيين الموظفين هو جزء لا يتجزء من العمل الديبلوماسي الجاد والمسؤول، وهذا الأمر ملقى على عاتق وزير الخارجية، فتنفيذ التوجهات العامة وتحقيق الأهداف المسطرة في كل بلد على حدى، يتحمل الجميع مسؤوليتهم وعلى رأسهم وزير الخارجية والسفير المغربي في هذا البلد.

في كل حادثة يحاول المسؤولون "الكبار" التضحية بموظفين "صغار" للتملص من المسؤولية، ومحاولة إبعاد الشبهات عنهم، وهذا لا يستقيم والمنطق الذي تسير به الإدارة المغربية التي يعلم القاصي والداني كيف تسير وتدبر.

لماذا لم يتم إستدعاء السفير المغربي بكولومبيا على إثر هذا الحادث، ولماذا لم يتفاعل رئيس الحكومة مع هذا الحادث بإعتباره هو من يفوض إختصاصاته لوزير الخارجية، فيبقى هو المسؤول الأول عنه طبقا للدستور؟ لماذا لم تتحرك المعارضة في البرلمان للإنتفاض ضد بوريطة الذي ورطنا في موظفيين لا يعرفون قيمة تمثيل بلد كالمغرب؟.

إنها أسئلة لفتح النقاش أكثر حول من يتحمل المسؤولية في جميع الحوادث التي تقع، فحادثة بوغوتا ما هي إلا النقطة التي أفاضت الكأس الممتلئ، وأبانت عن سوء تعامل بعض المسؤولين مع مواقعهم، وعدم تصريفهم للمواقف السليمة التي يجب أن يتبعوها.

وحسب عارفين بالأمور الدبلوماسية، فما وقع في  كولومبيا لن يكون هو الأول والأخير، لأن وزير الخارجية بوريطة والمحيطين به لا يعينون في هذه المناصب الدبلوماسية الحساسة الكفاءات الوطنية والمواطنة . بل إنهم بفضلون تعيين أطر الريع الدبلوماسي ،معتمدين في ذلك معايير الزيونية والعلاقات العائلية والأطر التي تخدم مصالح الوزير وليس الرطن، وعليه يجب أن لا نحاسب هؤلاء الأطر الضعيفة، بل يجب محاسبة  ناصر بورطة بإعتباره هو من كان و راء تعيينهم إنطلاقا من المبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإلا سنبقى نعاقب الموظفين البسطاء، بدل الوزراء والمسؤولين الكبار.