هل تؤثر الحرب على الاقتصاد المغربي؟.. الجواهري يجيب

أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن التوترات الجيوسياسية العالمية، وخصوصاً الحرب الدائرة في الشرق الأوسط، تفرض على الاقتصاد المغربي حالة من الحذر الشديد وعدم اليقين، مما يجعل من الصعب حالياً اتخاذ قرارات حاسمة أو التكهن بتداعياتها المباشرة. وأقر والي بنك المغرب بصعوبة الموقف قائلاً: "من الصعب أن تأتي وتقول ما هي الانعكاسات لهذه الحرب على الاقتصاد المغربي، فالأحداث تتغير باستمرار، والتتبع المستمر أمر لا بد منه". وأوضح أن البنك يحلل المعطيات بشكل متواصل، ويتواصل شهرياً مع أعضاء مجلسه لتقييم الحاجة لاتخاذ أي قرار قبل الاجتماعات الرسمية.

وأضاف الجواهري أن هذا الحذر مبرر بعاملين رئيسيين؛ أولاً، أن آثار قرارات خفض سعر الفائدة التي اتخذها البنك ثلاث مرات متتالية لم تظهر بشكل كامل بعد على مستوى القطاع البنكي وعملائه. وثانياً، خطورة التهديدات المتصاعدة، حيث قال: "بدأوا يتحدثون عن قلب النظام، وآخرون يتحدثون عن إغلاق مضيق هرمز. هذا الأمر إذا تفاقم، فأنتم لا تعلمون إلى أين يمكن أن نصل". ولهذا شدد على أن "الموقف صعب ويتطلب وقفة تأمل لنرى كيف ستسير الأمور"، مستشهداً بموقف البنك الفيدرالي الأمريكي الذي حافظ على سياسته النقدية رغم الضغوط السياسية القوية، وهو ما يعكس مبدأ الاستقلالية والحصافة في تدبير الأزمات.

وفي سياق تعزيز المناعة الاقتصادية الداخلية، كشف الجواهري أن البنك المركزي يعمل على وضع اللمسات الأخيرة على استراتيجيته لمواجهة هيمنة التعاملات النقدية "الكاش"، مشدداً على أن المستقبل يكمن في تسريع التحول الرقمي والاعتماد على الدفع عبر الهاتف. وتفاعلاً مع شكاوى المواطنين من عدم استشعارهم لتراجع معدلات التضخم، أوضح الجواهري وجود فجوة بين الأرقام الرسمية والإحساس العام، عازياً ذلك إلى عوامل نفسية تتعلق بترسخ الزيادات في ذهن المستهلك، بالإضافة إلى تأثير منصات التواصل الاجتماعي.

وعلى صعيد التحديات الهيكلية، شخص والي بنك المغرب المعضلة الأساسية التي تواجه برامج تمويل الشباب والمقاولات الصغرى، مؤكداً أن العائق الأكبر ليس نقص التمويل، بل ضعف التكوين والتأطير لدى حاملي المشاريع، مما يدفع البنوك إلى رفض طلباتهم بدعوى "عامل المخاطرة"، داعياً إلى تركيز الجهود على تأهيل الشباب لإزالة هذه الحجة لدى القطاع البنكي.